أملته ، والتثقيل (١) للتكثير ، وأراد أنها ليست بأشجار تثمر ولكنها خشب مسندة إلى حائط ، (يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ) ، أي لا يسمعون صوتا في العسكر بأن نادى مناد أو انفلتت دابة أو أنشدت ضالة إلا ظنوا من جبنهم وسوء ظنهم أنهم يرادون بذلك وظنوا أنهم قد أتوا لما في قلوبهم من الرعب. وقيل : ذلك لكونهم على على وجل من أن ينزل الله فيهم أمرا بهتك أستارهم ويبيح دماءهم ثم قال ، (هُمُ الْعَدُوُّ) ، هذا ابتداء وخبره ، (فَاحْذَرْهُمْ) ، ولا تأمنهم ، (قاتَلَهُمُ اللهُ) ، لعنهم الله (أَنَّى يُؤْفَكُونَ) ، يصرفون عن الحق.
(وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللهِ لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ) ، أي عطفوا وأعرضوا بوجوههم رغبة عن الاستغفار ، قرأ نافع ويعقوب (لَوَّوْا) بالتخفيف وقرأ الآخرون بالتشديد ، لأنهم فعلوه مرة بعد مرة (وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ) ، يعرضون عما دعوا إليه ، (وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ) ، متكبرون عن استغفار رسول الله صلىاللهعليهوسلم لهم.
(سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ) ، يا محمد ، (أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ).
[٢٢١٦] ذكر محمد بن إسحاق وغيره من أصحاب [السير أن](٢) رسول الله صلىاللهعليهوسلم بلغه أن بني المصطلق يجتمعون لحربه وقائدهم الحارث بن أبي ضرار أبو جويرية زوج النبي صلىاللهعليهوسلم ، فلما سمع بهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم خرج إليهم حتى لقيهم على ماء من مياههم يقال له المريسيع من ناحية قديد إلى الساحل ، فتزاحف الناس واقتتلوا فهزم الله بني المصطلق ، وقتل من قتل منهم ، ونقل رسول الله صلىاللهعليهوسلم أبناءهم ونساءهم وأموالهم فأفاءها عليهم ، فبينما الناس على ذلك الماء إذ وردت واردة الناس ومع عمر بن الخطاب أجير له من بني غفار ، يقال له جهجاه بن سعيد الغفاري يقود له فرسه فازدحم جهجاه وسنان بن وبرة الجهني حليف بني عوف بن الخزرج على الماء فاقتتلا ، فصرخ الجهني يا معشر الأنصار وصرخ الغفاري يا معشر المهاجرين وأعان جهجاها الغفاري رجل من المهاجرين يقال له جعال ، وكان فقيرا غضب عبد الله بن أبي ابن سلول وعنده رهط من قومه فيهم زيد بن أرقم غلام حديث السن ، فقال ابن أبي : أفعلوها؟ فقد نافرونا (٣) وكاثرونا في بلادنا والله ما مثلنا ومثلهم إلا كما قال القائل سمن كلبك يأكلك ، أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ، يعني بالأعز نفسه وبالأذل رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ثم أقبل على من حضره من قومه فقال : هذا ما فعلتم بأنفسكم أحللتموهم بلادكم ، وقاسمتموهم أموالكم ، أما الله ولو أمسكتم عن جعال وذويه فضل الطعام لم يركبوا
__________________
[٢٢١٦] ـ ذكره الواحدي في «أسباب النزول» بإثر ٨٢١ نقلا عن أهل التفسير ، وأصحاب السير.
ـ وأخرجه الطبري ٣٤١٧٨ من طريق محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة عن عبد الله بن أبي بكر ، وعن محمد بن يحيى بن حيان قال : كل قد حدثني بعض حديث بني المصطلق قالوا : بلغ رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن بني المصطلق يجمعون له .... فذكره مع اختلاف يسير.
ـ وأصل الخبر في الصحيحين من حديث زيد بن أرقم.
ـ أخرجه البخاري ٤٩٠٠ و ٤٩٤ ومسلم ٢٧٧٢ والترمذي ٢٣١٢ و ٢٣١٣ والنسائي في «التفسير» ٦١٧ والواحدي في «أسباب النزول» ٨٢١ و «الوسيط» ٤ / ٣٠٣ ـ ٣٠٤.
ـ أما عجز الحديث فقد أخرجه الطبري ٣٤١٥٩ عن بشير بن مسلم ... فذكره بأخصر منه ، وهو مرسل.
ـ الخلاصة : عامة هذا السياق محفوظ بطرقه وشواهده.
(١) تصحف في المطبوع «والثقيل».
(٢) سقط من المطبوع.
(٣) في المخطوط «ناقرونا».