بشكل خارج عن إطار القوانين والسنن الطبيعية المألوفة إذ قال :
«فالذي يتخذ كائناً ما ولياً له ونصيراً وكاشفاً عنه السوء ، وقاضياً لحاجته ومستجيباً لدعائه ، وقادراً على أن ينفعه ، كل ذلك بالمعاني الخارجة عن نطاق السنن الطبيعية يكون السبب لاعتقاده ذلك ظنّه فيه انّ له نوعاً من أنواع السلطة على نظام هذا العالم ، وكذلك من يخاف أحداً ويتّقيه يرى أنّ سخطه يجر عليه الضرر ، ومرضاته تجلب له المنفعة لا يكون مصدر اعتقاده ذلك وعمله إلّا ما يكون في ذهنه من تصوّر أنّ له نوعاً من السلطة على هذا الكون ثمّ إنّ الذي يدعو غير الله ويفزع إليه في حاجته بعد إيمانه بالله العلي الأعلى فلا يبعثه على ذلك إلّا اعتقاده فيه أنّه له شركاً في ناحية من نواحي السلطة الألوهية» (١).
وصريح هذا الكلام هو التلازم بين القدرة على النفع والضرر ، والاعتقاد بالسلطة الألوهية ، وانّ كل قدرة على النفع والضرر من غير المجاري الطبيعية ينطوي على الألوهية ، بالملازمة.
وهذا جداً عجيب من المودودي.
إذ مضافاً ـ إلى أنّ الاعتقاد بالألوهيّة لا يستلزم الاعتقاد بالسلطة في الطرف الآخر ، بل يكفي الاعتقاد بكونه مالكاً للشفاعة والمغفرة كما كان عليه فريق من عرب الجاهلية ، إذ كانوا يعتقدون في شأن أصنامهم بأنّها آلهتهم ، لأنّها مالكة شفاعتهم ومغفرتهم ومعلوم ـ جيداً ـ انّ مالكية الشفاعة غير القول بوجود السلطة التي يراد منها : السلطة على عالم التكوين ـ إنّ الاعتقاد بالسلطة الغيبية الخارجة عن إطار السنن الطبيعية لا يوجب الاعتقاد بالألوهيّة.
__________________
(١). المصطلحات الأربعة : ٢٣ ، وفي موضع آخر صرّح بهذا الاستلزام إذ قال في ص ٣٠ : «إنّ كلاً من السلطة والألوهية تستلزم الأُخرى».