* النبيّ موسى والسلطة على الكون :
ونظير هذا نجده في أنبياء آخرين كموسى ـ عليه السلام ـ ، إذ قيل له :
(اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً) (البقرة ـ ٦٠).
فلو لم يكن لضربه بالعصا عن إرادته ، تأثير في تفجير الماء من الصخر لما أمر به الله سبحانه.
وربما يتصوّر أنّ موسى يضرب بعصاه ولكن الله هو الذي يفجّر الأنهار ، فهذا لا يدل على سلطة غيبية لموسى ، إذ غاية الأمر أنّ الله تعالى يفعل تفجير الأنهار عند ضربه ، لكنّه ضعيف يرجع إلى لغوية الأمر بالضرب بالعصا ، فانّ الضرب بالعصا ليس من قبيل الدعاء حتى يقال إنه سبحانه يجيب دعوته عند دعائه ، وعلى الجملة لا يمكن أن تنكر دخالة ضربه بالعصا وإرادته ذاك العمل في تفجّر الأنهار وإن كان إذنه سبحانه ومشيئته فوقه. ولا تدل الآية على أزيد من هذا.
ومثله قوله سبحانه :
(فَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ) (الشعراء ـ ٦٣).
ودلالة هذه الآية على ما نرتئيه لا تقصر عن دلالة الآية السابقة.
* أصحاب سليمان والسلطة الغيبية :
أنّ مثل هذه السلطة الغيبية لم تقتصر على من ذكرنا بل يثبتها القرآن الكريم لأصحاب سليمان وحاشيته فها هو أحد حاشيته يضمن له ـ عليه السلام ـ بإحضار عرش ملكة سبأ قبل أن يقوم من مقامه ، وقبل أن ينفض مجلسه إذ قال سبحانه :