(أُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتى بِإِذْنِ اللهِ) (آل عمران ـ ٤٩).
حتى أنّ الله سبحانه نسبها إلى المسيح وخاطبه بها وقال :
(وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتى بِإِذْنِي) (المائدة ـ ١١٠).
على أنّ الله يصف طائفة من ملائكته أيضاً بهذه السلطة فيقول عن جبرئيل بأنّه :
(شَدِيدُ الْقُوى) (النجم ـ ٥).
أي قواه العلمية كلّها شديدة فيعلم ويعمل (١) وكيف لا يكون ذا قوة وقد اقتلع قرى قوم لوط فرفعها إلى السماء ثمّ قلبها ، ومن شدة قوته صيحته على قوم ثمود حتى هلكوا (٢) ولو كان المراد من شديد القوى هو جبرائيل فقد وصفه الله في موضع آخر بقوله :
(ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ) (التكوير ـ ٢٠).
ومن هذا هو شأنه فله السلطة الغيبية بإذن الله سبحانه على الكون.
وهل هناك سلطة غيبية أظهر من هذه التي يثبتها القرآن الكريم لفريق من عباد الله وأوليائه ، فإذا كان الاعتقاد بالسلطة الغيبية لأحد ملازماً للاعتقاد بألوهيته لزم أن يكون جميع هؤلاء : آلهة من وجهة نظر القرآن ، بل لا بد من القول بأنّ تحصيل مثل هذه السلسلة الغيبية أمر ممكن لأشخاص آخرين ـ حتى غير الأنبياء ـ عن طريق العبادة.
فالعبادة ـ التي يتصوّر أغلبية الناس أنّ آثارها تنحصر في جلب رضاء الله ، ودفع غضبه فقط ـ ربّما تمنح الروح قدرة عظيمة ، وبعداً أعمق من ذلك.
__________________
(١). مجمع البيان : ٥ / ١٧٣.
(٢). مفاتيح الغيب للرازي : ٧ / ٧٠٢.