لا يطلق عليه حكم «الدعاء» ولا أنّ الرجل اتّخذ الخادم إلهاً ، وذلك أنّ كل ما فعله الرجل جار على قانون العلل والأسباب ، ولكن إذا استغاث بوليّ في هذا الحال فلا شكّ أنّه دعاه لتفريج الكربة واتّخذه إلهاً.
فكأنّي به يراه سميعاً بصيراً ، ويزعم أنّ له نوعاً من السلطة على عالم الأسباب ممّا يجعله قادراً على أن يقوم بإبلاغه الماء ، أو شفائه من المرض».
«وصفوة القول إنّ التصوّر الذي لأجله يدعو الإنسان الإله ويستغيثه ويتضرّع إليه هو لا جرم تصوّر كونه مالكاً للسلطة المهيمنة على قوانين الطبيعة وللقوى الخارجة عن دائرة نفوذ الطبيعة».
أقول : إنّ الحديث في المقام في موردين :
الأوّل : إذا اعتقد إنسان بأنّ للظاهرة المعينة سببين : طبيعياً وغير طبيعي فإذا يئس من الأوّل ولاذ بالثاني فهل يعدّ فعله شركاً أو لا؟
الثاني : إذا اعتقد بأنّ لشخص خاص سلطة غيبية على الكون بإذنه سبحانه فهل يعدّ هذا الاعتقاد اعتقاداً بألوهيته؟
وقد حقّقنا القول حول الأمر الثاني ونركّز البحث على الأمر الأوّل فنقول :
إذا اعتقد إنسان بأنّ لبرئه من المرض طريقين أحدهما طبيعي والآخر غير طبيعي ، وقد سلك الطريق الأوّل ولم يصل إلى مقصوده فعاد يتوسّل إلى مطلوبه بالتمسك بالسبب الثاني كمسح المسيح يديه عليه ، فهل يعدّ اعتقاد هذا وطلبه منه شركاً وخروجاً عن جادة التوحيد أو لا؟
وأنت إذا لاحظت الضوابط التي قد تعرّفت عليها في تمييز الشرك عن غيره لاستطعتَ على الإجابة بأنّه لا ينافي التوحيد ولا يضادّه بل يلائمه كمال الملائمة فإنّه يعتقد بأنّ الله الذي منح الأثر للأدوية الطبيعية أو جعل الشفاء في العسل هو