الذي منح المسيح قدرة يمكنه ان يبرئ المرضى بإذنه سبحانه ، ومعه كيف يعدّ اعتقاده هذا شركاً؟!
وبكلام آخر : ان الشرك عبارة عن الاعتقاد باستقلال شيء في التأثير ، بمعنى أن يكون أثره مستنداً إليه لا إلى خالقه وبارئه والمفروض عدمه ، ومع ذلك كيف يكون شركاً ، والتفريق بين التوسّل بالأسباب الطبيعية وغيرها بجعل الأوّل موافقاً للتوحيد دون الثاني تفريق بلا جهة فأنّ نسبتها إلى الله سبحانه في كون التأثير بإذنه سواسية.
نعم يمكن لأحد أن يخطئ القائل في سببية شيء ، ويقول بأنّ الله لم يمنح للولي الخاص تلك القدرة وأنّه عاجز عن الإبراء ، ولكنّه خارج عن محطّ بحثنا فإنّ البحث مركّز على تمييز الشرك عن غيره لا على إثبات قدرة لأحد أو نفيها عنه وأظن أنّ القائلين بكون هذا الاعتقاد والطلب شركاً لو ركّزوا البحث على تشخيص ملاك الشرك عن غيره لسهّل لهم تمييز الحق عن غيره ، إذ أيّ فرق بين الاعتقاد بأنّ الله وهب الإشراق للشمس والإحراق للنار وجعل الشفاء في العسل ، وبين إقداره وليّه مثل المسيح وغيره على البرء ، أو اعطاءه للأرواح المقدسة من أوليائه قدرة على التصرّف في الكون وإغاثة الملهوف.
وقد ورد في القرآن الكريم نماذج من إعطاء آثار خاصة لعلل غير طبيعية تلقي الضوء على ما ذكرنا. فإليك بيانها :
١ ـ إنّ القرآن يصف عجل السامري بقوله :
(فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوارٌ فَقالُوا هذا إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى فَنَسِيَ) (طه ـ ٨٨).
فبعد ما رجع موسى من الميقات ورأى الحال فسأل السامري عن كيفية عمله وأنّه كيف قدر على هذا العمل البديع؟ فأجاب :