(بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُها وَكَذلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي) (طه ـ ٩٦).
فعلّل عمله هذا بأنّه أخذ قبضة من أثر الرسول فعالج بها مطلوبه فعاد العجل ذي خوار. وهذا يعطي أنّ التراب المأخوذ من أثر الرسول كان له أثر خاص وقد توسل به السامري.
٢ ـ إنّ القرآن يصف كيفية برء يعقوب ممّا أصاب عينيه ، ويقول حاكياً عن يوسف أنّه قال : (اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هذا فَأَلْقُوهُ عَلى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ) (يوسف ـ ٩٣).
(فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ أَلْقاهُ عَلى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) (يوسف ـ ٩٦).
فإذا اعتقد الإنسان بأنّ الذي خلق في التراب المأخوذ من أثر الرسول المعين أثراً خاصاً بحيث إذا امتزج مع الحلي يجعلها ذات خوار ، أو منح للقميص ذلك الأثر العجيب هو الذي أعطى لسائر العلل غير الطبيعية آثاراً خاصة يستفيد منها الإنسان في ظروف معينة فهل يجوز لنا رمي المعتقد بهذا ، بأنّه مشرك؟ وأيّ فرق بين ما أخذ السامري من أثر الرسول أو قميص يوسف وسائر العلل مع أنّ الجميع علل غير مألوفة؟
إنّ التوسل بالأرواح المقدسة والاستمداد بالنفوس الطاهرة الخالدة عند ربّها نوع من التمسّك بالأسباب في اعتقاد التمسّك وقد قال سبحانه :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ) (المائدة ـ ٣٥)
وليست الوسيلة منحصرة في العمل بالفرائض والتجنب عن المحرمات بل هي أوسع من ذلك فتوسل ولد يعقوب بأبيهم كان ابتغاءً للوسيلة أيضاً.
وأمّا البحث عن أنّ هذه الأرواح والنفوس هل في مقدورها أنّ تغيث من يستغيث بها أو لا فهو خارج عمّا نحن بصدده.