٥
هل طلب الأُمور الخارقة
حدٌّ للشرك؟
لا شك أنّ لكل ظاهرة ـ بحكم قانون العلّية ـ علّة لا يمكن للمعلول أن يوجد بدونها ، فليس في الكون الفسيح كلّه من ظاهرة حادثة لا ترتبط بعلّة ، ومعاجز الأنبياء ، وكرامات الأولياء غير مستثناة من هذا الحكم فهي لا تكون دون علّة ، غاية الأمر أنّ علّتها ليست من سنخ العلل الطبيعية ، وهو غير القول بكونها موجودة بلا علّة مطلقاً.
فإذا ما تبدلت عصا موسى ـ عليه السلام ـ إلى ثعبان يتحرّك ويبتلع الأفاعي وإذا ما عادت الروح إلى جسد ميّت بال ، بإعجاز السيّد المسيح ـ عليه السلام ـ وإذا ما انشقّ القمر نصفين بإعجاز خاتم الأنبياء صلىاللهعليهوآلهوسلم أو تكلّم الحصى معه ، أو سبّح في يده فليس معنى ذلك أنّها لا ترتبط بعلة كسائر الظواهر الحادثة ، بل ترتبط بعلل خاصة غير العلل الطبيعية المألوفة.
فلو استمد إنسان بإنسان آخر لقضاء حاجته عن علله الطبيعية لقد جرى على السنَّة مألوفة بين العقلاء ، إنّما الكلام في الاستمداد في قضاء الحاجة عن الطرق الغيبية والعلل غير الطبيعية وهذا هو ما يتصوّر أنّه شرك وفي ذلك يقول المودودي لو طلب حاجة وأمراً لتعطى له من غير المجرى الطبيعي وخارجاً عن