أطار السنن الطبيعية كان شركاً وملازماً للاعتقاد بألوهية الجانب الآخر المسئول (١).
غير أنّ هذا التفصيل لا يمكن الركون إليه إذ جرت سيرة العقلاء على طلب المعجزة والأُمور الخارقة للعادة من مدّعي النبوّة ، وقد نقل القرآن تلك السيرة عن الذين عاصروا الأنبياء من دون أن يعقب على ذلك بالرد والنقد ، قال سبحانه حاكياً عنهم :
(قالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِها إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) (الأعراف ـ ١٠٦).
وقد كان الأنبياء يدعون الناس ليشهدوا ما يقع على أيديهم من خوارق العادات وعلى هذا فالإنسان المستهدي المتطلّب لمعرفة صدق دعوى المتنبئ كالسيد المسيح وغيره إذا طلب منه أن يبرئ الأكمه ويشفي الأبرص ـ بإذن الله ـ (٢) لا يكون مشركاً ومثله فيما إذا طلب ذلك منه بعد رفعه إلى الله سبحانه فلا يمكن التفكيك بين الصورتين باعتبار الأوّل عملاً توحيدياً ، والثاني عملاً ممزوجاً بالشرك.
أضف إلى ذلك أنّ بني إسرائيل طلبوا من موسى الماء والمطر وهم في التيه ليخلّصهم من الظمأ إذ يقول سبحانه : (وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى إِذِ اسْتَسْقاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ) (الأعراف ـ ١٦٠).
وقد طلب سليمان من حضار مجلسه إحضار عرش المرأة التي كانت تملك قومها كما يحكي سبحانه :
(قالَ يا أَيُّهَا الْمَلَؤُا أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِها قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ* قالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ) (النمل : ٣٨ ـ ٣٩).
__________________
(١). راجع المصطلحات الأربعة : ١٤.
(٢). راجع للوقوف على معاجز سيدنا المسيح سورة آل عمران الآية ٢٤٩ والمائدة الآية ١١٠.