فلو كان طلب الخوارق من غيره سبحانه شركاً كيف طلب بنوا إسرائيل من نبيّهم موسى ذلك الأمر أو كيف طلب سليمان من أصحابه إحضار ذلك العرش من المكان البعيد وكل ذلك يعطي بأنّ طلب الخوارق أو طلب الشيء عن غير مجاريه الطبيعية ليس حدّاً للشرك كما أنّ الحياة والموت ليسا حدّين للشرك ، فلا يمكن أن يقال بأنّ طلب الخوارق جائز من الحيّ دون الميت ، ولأجل ذلك ركّزنا البحث في التعرّف على ملاك الشرك والتوحيد.
وتصوّر أنّ طلب الخوارق ملازم للاعتقاد بالسلطة الغيبية الملازمة للألوهية فقد عرفت جوابه في ذلك الفصل.
وتصور أنّ طلب شفاء المريض وأداء الدين طلب لفعل الله من غيره ، مدفوع بما عرفت من أنّ الملاك في تمييز فعله سبحانه عن غيره ليس هو كون الفعل خارجاً عن إطار السنن الطبيعية وخارقاً للقوانين الكونية ليكون طلب مثل هذا من غير الله طلباً للفعل الإلهي من غيره.
بل المعيار في الفعل والشأن الإلهي هو ما كان الفاعل مستقلاً في الخلق والإيجاد غير معتمد على غيره سواء أكان الأمر أمراً طبيعياً أم غير طبيعي. ويجب على متطلّب الحقيقة أن يدرس فعل الله وفعل غيره دراسة معمّقة نابعة عن الكتاب والسنّة والعقل السليم.
وبكلام آخر : أنّه ليس القيام بأمر عن طريق عادي فعلاً للإنسان ، والقيام به عن طريق غير عادي فعلاً لله سبحانه بل الفعل على قسمين :
قسم منه يعدّ فعلاً له سبحانه لا يجوز طلبه من غيره سواء أكان عادياً أم غير عادي ، وقسم يعد فعلاً لغير الله يجوز طلبه من غيره سواء أكان عادياً أم غير عادي أيضاً ، وبذلك يعلم أنّ طلب الشفاء من الأولياء على النحو الذي بيّناه لا يخالف أُصول التوحيد.
* * *