الخامسة : التوحيد في الطاعة :
والمراد منه أنّه ليس هناك من تجب طاعته بالذات إلّا الله تعالى فهو وحده الذي يجب أن يُطاع ، وهو وحده الذي يجب أن تُمتثل أوامره ، وأمّا طاعة غيره فتجب بإذنه وأمره ، وإلّا كانت محرّمة ، موجبة للشرك.
ولأجل ذلك نجد القرآن الكريم يطرح مسألة الطاعة لله وحده مصرّحاً بانحصارها فيه إذ يقول :
(وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) (البيِّنة ـ ٥) والدين في الآية بمعنى الطاعة ، أي مخلصين الطاعة له ولا يطيعون غيره. ويقول :
(فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْراً لِأَنْفُسِكُمْ) (التغابن ـ ١٦).
ثمّ يصرّح القرآن الكريم بأنّ النبي لا يطاع إلّا بإذنه سبحانه إذ قال :
(وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللهِ) (النساء ـ ٦٤)
وعلى ذلك فكل من افترض اللهُ طاعَته ، والانقياد لأوامره ، والانتهاء عن مناهيه ، فلأجل إذنه سبحانه.
فإطاعة النبي وأُولي الأمر ، والوالدين وغيرهم إنّما لأجل إذنه وأمره سبحانه ، ولولاه لم تكن لتجز طاعتهم ، والانقياد لأوامرهم.
وعلى الجملة فهاهُنا مطاع بالذات ؛ وهو الله سبحانه وغيره مطاع بالعرض وبأمره. وأمّا علّة اختصاص الطاعة ووجهه فبيانه موكول إلى الكتب الكلامية.