سؤال وجواب :
إلى هنا تبيّن أنّ دعوة العباد الصالحين بأيّ شكل كان ، سواء أكان لأجل التوسّل والاستشفاع أم لأجل طلب الحاجة وإنجازها ليست عبادة ولا تشملها الآيات الناهية عن الدعوة بتاتاً غير أنّه يطرح هنا سؤال وهو : أنّه إذا كان غيره سبحانه لا يملك من قطمير ولا يملك كشف الضر والتحويل ، فما فائدة هذه الدعوة إذ قال سبحانه :
(فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلاً) (الإسراء ـ ٥٦)
(وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ ما يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ) (فاطر ـ ١٣)
والجواب : أنّ عبدة الأصنام كانوا معتقدين بانّهم يملكون فوق القطمير ويملكون كشف الضر فجاءت الآيات رادة عليهم.
وأمّا توسّل عباد الله بالنبي فليس مبنياً على انّه يملك كشف الضر ويقدر عليه من عند نفسه ، بل يكفي كونه مأذوناً في الدعاء وطلب العون من الله بالنسبة إلى عباده المتوسلين به أو قادراً على انجاز الأمر باذنه سبحانه.
ملخّص البحث :
إنّ هذه الآيات راجعة إلى أصنام العرب الخشبية والمعدنية والحجرية ويتّضح ذلك من سياق الآيات. هذا أوّلاً ، وثانياً أنّ الهدف من نفي المالكية عن غير الله ليس هو مطلقها بل المراد المالكية المناسبة لمقامه سبحانه ، أعني : المالكية المستقلّة ، ونفي هذه المالكية عن غيره سبحانه لا يدل على انتفاء ما يستند إليه سبحانه ، عنهم ، ويؤيد ذلك أنّه سبحانه يقول :
(يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) (فاطر ـ ١٥)
والمراد من الفقر هنا هو الفقر الذاتي ولا ينافي القدرة المكتسبة والفعّالة بإذنه