منهاجاً لجميع المسلمين ، فكيف يمكن أن تصدر هذه الأقسام من الله سبحانه وتجوز عليه ولا تجوز على غيره؟ ويكون عين التوحيد تارةً ونفس الشرك أُخرى مع وحدة ماهية العمل وحقيقته.
إنّ الغاية من حلفه سبحانه بمخلوقاته تتردد بين الدعوة إلى التدبر في خلقه والسنن المكنونة في وجوده كما هو الحال في أكثر اقساماته وبين اظهاره كرامته وجلالته عند الله كما هو الحال في الحلف بعمر النبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم.
هذا بالنسبة إلى كتاب الله تعالى.
وأمّا السنّة الشريفة فقد روى مسلم في صحيحه أنّه : جاء رجل إلى النبي فقال : يا رسول الله أيُّ الصدقة أعظم أجراً؟ فقال : أما وَأبيك لَتُنَبَّأنَّهُ ، أن تصدَّق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر (١).
فقد حلف رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بأبي السائل قائلاً «وأبيك».
وروي أيضاً أنّه جاء رجل إلى رسول الله من أهل نجد يسأل عن الإسلام؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «خمس صلوات في اليوم والليلة» ، فقال : هل عليَّ غيرهنّ؟ قال : «لا إلّا أن تطّوع ، وصيام شهر رمضان» ، فقال : هل عليّ غيره؟ قال : «لا إلّا أن تطّوع» ، وذكر له رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم الزكاة فقال : وهل عليَّ غيره؟ قال : «لا ، إلّا أن تطّوع» ، فأدبر الرجل وهو يقول : والله لا أزيد على هذا ولا أنقص منه ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أفلح وأبيه إن صدق» أو «دخل الجنة وأبيه إن صدق» (٢).
وفي حديث آخر في مسند الإمام أحمد بن حنبل أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «فلعمري لئن تكلّم بمعروف وتنهى عن منكر خير من أن تسكت» (٣).
__________________
(١). صحيح مسلم : ٣ / ٩٤.
(٢). صحيح مسلم : ١ / ٣١ ـ ٣٢ ، باب ما هو الاسلام وبيان خصاله.
(٣). مسند أحمد بن حنبل : ٥ / ٢٢٥ ، وراجع أيضاً مسند أحمد : ٥ / ٢١٢ ، سنن ابن ماجة : ٤ / ٩٩٥ و ١ / ٢٢٥.