تشاء!!!
من أجل هذا عبد سكنة شواطئ البحار (إله البحر) لكي يجود عليهم بنعم البحر ويدفع عنهم آفاته وغوائله كالطوفان ؛ فيما عبد سكنة الصحاري (إله البر) ليفيض عليهم بمنافعها ، ويدفع عنهم مضارها ، كالزلزال وما شابه ذلك من آفات الأرض ، وغوائل الصحراء.
ولكن حيث إنّهم ما كانوا متمكّنين من رؤية هذه الآلهة التي توهّموها واخترعوها ، افترضوا لها صوراً خيالية ، وأشكالاً وهمية ، ونحتوا على غرارها تماثيل وأصناماً ، وراحوا يعبدون هذه الأصنام المصنوعة بدلاً عن عبادة القوى الغيبية نفسها التي تمثلها هذه الأصنام ـ كما في زعمهم ـ.
لهذا السبب كان بين عرب الجاهلية فريق يعبد الملائكة ، وفريق آخر يعبد الجن ، وثالث يعبد الكواكب الثابتة كالشعرى ، رابع يعبد الكواكب السيارة ، وكان الهدف من عبادتها ـ جميعاً ـ هو جلب خيرها ونفعها ، واجتناب ضررها وشرورها.
ولقد كانوا يتمتعون ـ في صنع التماثيل والأصنام ـ من سعة نظر خاصة ، فهم لم يلزموا أنفسهم بأن يصنعوا ما ينطبق على الصور الواقعية لتلك الأشياء ولذلك كانوا يصنعون لكل واحد من الآلهة الموهومة أصناماً لا تشبه صورها الواقعية أبداً كإله الحرب ، وإله السلام ، وإله الحب ، ولكن في كل هذا كان الدافع الوحيد هو صب الأُمور الغيبية في قالب المحسوسات ، وحيث إنّ هذه الأرباب والآلهة (الصغار) لم تكن بذاتها في متناول الإحساس ، وكان للكواكب طلوع وأُفول ، وكان التوجّه إليها لا يخلو ـ لذلك ـ من مشقة فتوجهوا صوب تماثيلها ، وصاروا إلى عبادتها.
ولقد انتقد القرآن وشجب بشدة فكرة تفويض القدرة وأمر تدبير الكون إلى الآلهة الصغار المدعاة المخلوقة لله ، ووصف الله في مواضع عديدة ، بأنّه المدبر