الوحيد لأُمور الكون حيث يقول :
(ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ) (يونس ـ ٣) (١).
لقد جعل القرآن الكريم ـ في آيات كثيرة ـ الخلق والإحياء والإماتة وتسيير الكواكب والأفلاك وتنظيم الشمس والقمر والأرزاق ، أفعالاً مختصة بالله تعالى (٢) وشجب بعنف وشدة كل فكرة تقضي بإشراك أية قدرة مع الله ، وكل فكرة تقول : بتفويض تدبير الأُمور الكونية إلى مخلوقاته.
إنّ الآيات القرآنية الواردة في هذا الشأن من الكثرة بحيث يعسر نقل عشرها هنا ، ولكن للاطّلاع نذكر ونورد بعض هذه الآيات :
(إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) (الأعراف ـ ٥٤).
(قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ* فَذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَما ذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ) (يونس ـ ٣١ ـ ٣٢).
* * *
__________________
(١). راجع الرعد الآية (٢) والسجدة الآية (٥).
(٢). اختصاص هذا النوع من الأُمور بالله لا يمنع من توسيط الأسباب التي تعمل هي أيضاً بأمر الله ومشيئته وتكون قدرتها في طول القدرة الإلهية ، وواضح أنّ الاعتقاد بتلك الأُمور بما هي أسباب لا يعني تفويض أمر الكون إليها. فراجع كتاب مفاهيم القرآن الجزء الأوّل ـ الفصل الثامن ؛ التوحيد في الربوبية والتدبير.