نتيجة هذا البحث :
من هذا البحث الموسّع يمكن أن نستنتج أمرين :
١ ـ أنّ ربوبية الله عبارة عن مدبّريته تعالى للعالم لا عن خالقيته.
٢ ـ دلّت الآيات المذكورة في هذا البحث على أنّ مسألة «التوحيد في التدبير» لم تكن موضع اتفاق بخلاف مسألة «التوحيد في الخالقية» وأنّه كان في التاريخ ثمّة فريق يعتقد بمدبّرية غير الله للكون كلّه أو بعضه ، وكانوا يخضعون أمامها باعتقاد أنّها أرباب.
وبما أنّ الربوبية في التشريع غير الربوبية في التكوين فيمكن أن يكون بعض الفرق موحداً في الثاني ، ومشركاً في القسم الأوّل فاليهود والنصارى تورّطوا في «الشرك الربوبي» التشريعي لأنّهم أعطوا زمام التقنين والتشريع إلى الأحبار والرهبان وجعلوهم أرباباً من هذه الجهة ، فكأنّه فوّض أمر التشريع إليهم!!! ، ومن المعلوم أنّ التقنين والتشريع من أفعاله سبحانه خاصة.
فها هو القرآن يقول عنهم :
(اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ) (التوبة ـ ٣١).
(وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ) (آل عمران ـ ٦٤).
في حين أنّ الشرك في الربوبية لدى فريق آخر ما كان ينحصر بهذه الدائرة بل تمثل في اسناد تدبير بعض جوانب الكون ، وشئون العالم إلى الملائكة والجن والأرواح المقدسة أو الأجرام السماوية ، وإن لم نعثر ـ إلى الآن ـ على من يعزي تدبير «كل» جوانب الكون إلى غير الله ، ولكن مسألة الشرك في الربوبية تمثلت في الأغلب في تسليم «بعض» الأُمور الكونية إلى بعض خيار العباد والمخلوقات.
إنّ الآيات الدالّة على هذه النتيجة ـ في الحقيقة ـ أكثر من أن يمكن سردها