أنّها آلهة ـ حسب تصوّرهم ـ.
ولأجل تلك العقيدة السخيفة كانوا إذا دعي الله وحده كفروا به ، لأنّهم لا يحصرون الألوهية به وإذا أشرك به آمنوا ، لانطباقه على فكرتهم كما قال سبحانه :
(ذلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذا دُعِيَ اللهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ) (غافر ـ ١٢).
إلى هنا ظهرت الدعوى الأُولى بوضوح وجلاء.
وأمّا الدعوى الثانية فتدل عليها الآيات التي تأمر بعبادة الله ، وتنهى عن عبادة غيره ، مدللاً ذلك بأنّه لا إله إلّا الله إذ يقول :
(يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ) (الأعراف ـ ٥٩).
ومعنى ذلك أنّ الّذي يستحق العبادة هو من كان إلهاً ، وليس هو إلّا الله ، وعندئذ فكيف تعبدون ما ليس بإله ، وكيف تتركون عبادة الله وهو الإله الذي يجب أنّ يعبد دون سواه؟
وقد ورد مضمون هذه الآية في ١٠ موارد أو أكثر في القرآن الكريم ، ويمكن للقارئ الكريم أن يراجع ـ لذلك ـ الآيات التالية :
الأعراف : ٦٥ ، ٧٣ ، ٨٥ ، هود : ٥٠ ، ٦١ ، ٨٤ ، الأنبياء : ٢٥ ، المؤمنون : ٢٣ ، ٣٢ ، طه : ١٤.
فهذه التعابير (التي هي من قبيل تعليق الحكم عن الوصف) تفيد أنّ العبادة هي ذلك الخضوع والتذلّل النابعين من الاعتقاد بألوهية المعبود ، إذ نلاحظ ـ بجلاء ـ كيف استنكر القرآن على المشركين عبادة غير الله بأنّ هذه المعبودات ليست آلهة ، وانّ العبادة من شئون : الألوهية ، فإذا وجد هذا الوصف (أي وصف الألوهية) في الطرف جاز عبادته واتخاذه معبوداً. وحيث إنّ هذا الوصف لا يوجد إلّا في الله سبحانه لذلك تجب عبادته دون سواه.