إنّ عبارة : «الشعور بالسلطان الإلهي» حاكية عن أنّ الفرد العابد حيث إنّه يعتقد بألوهية المعبود ، لذلك يكون عمله عبادة وما لم يتوفر مثل هذا الاعتقاد في عمله لا يتصف بالعبادة.
٢ ـ وقد جاء شيخ الأزهر الأسبق الشيخ محمود شلتوت بتعريف يتحد مع ما ذكره المنار معنى ويختلف معه لفظاً فقال :
«العبادة خضوع لا يحد لعظمة لاتحد» (١).
فالتعريفان متحدان نقداً وإشكالاً فليلاحظ وإن كان تفسير المنار يختص بإشكال آخر حيث إنّه يقول : «العبادة ناشئة عن استشعار القلب عظمة لا يعرف منشؤها» في حين أنّ العابد يعلم أنّ علّة العظمة هي : السلطة الإلهية ، التي هي ألوهية المعبود والإحساس بالحاجة الشديدة إليه ، وأنّ بيده مصير العابد ، وغير ذلك من الدوافع ، فكيف لا يعرف منشؤها؟ (٢).
٣ ـ وأكثر التعاريف عرضة للإشكال هو تعريف ابن تيمية إذ قال :
«العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنية والظاهرية كالصلاة ، والزكاة والصيام ، والحج ، وصدق الحديث ، وأداء الأمانة وبرّ الوالدين ، وصلة الأرحام» (٣).
وهذا الكاتب لم يفرّق ـ في الحقيقة ـ بين العبادة ، وبين التقرّب ، وتصوّر أنّ كل عمل يوجب القربى إلى الله فهو عبادة له تعالى أيضاً ، في حين أنّ الأمر ليس كذلك ، فهناك أُمور توجب رضا الله ، وتستوجب ثوابه قد تكون عبادة كالصوم والصلاة والحج ، وقد تكون موجبة للقربى إليه دون أن تعدّ عبادة كالإحسان إلى
__________________
(١). تفسير القرآن الكريم : ٣٧.
(٢). آلاء الرحمن : ٥٩.
(٣). مجلة البحوث الإسلامية العدد : ٢ / ١٨٧ ، نقلاً عن كتاب «العبودية» : ٣٨.