فروخ ، قال : ابنا حبيب بن الزبير ، عن عكرمة : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا) قال : لبث الناس برهة ، والأعرابي لا يرث المهاجر ، والمهاجر لا يرث الأعرابي ، حتى فتحت مكة ودخل الناس في الدين فأنزل الله (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ).
وقال الحسن : كان الأعرابي لا يرث المهاجر ، ولا يرثه المهاجر فنسخها (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ).
وقد ذهب قوم إلى أن المراد بقوله : (ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ) ولاية النصرة والمودة. قالوا : ثم نسخ هذا بقوله : (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) [التوبة : ٧١] ، وأما قوله : (وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ) [الأنفال : ٧٢] فقال المفسرون : إن استنصركم المؤمنون الذين لم يهاجروا فانصروهم إلا أن يستنصروكم على قوم بينكم وبينهم عهد ، فلا تغدروا بأهل العهد.
وذهب بعضهم إلى أن الإشارة إلى أحياء من كفار العرب كان بينهم وبين رسول الله صلىاللهعليهوسلم موادعة ، فكان إن احتاج إليهم عاونوه ، وإن احتاجوا عاونهم فنسخ ذلك بآية السيف (١).
الباب السادس عشر
باب ذكر الآيات اللواتي
ادّعي عليهنّ النّسخ في سورة التوبة
ذكر الآية الأولى :
قوله تعالى : (فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ) [التوبة : ٢].
زعم بعض ناقلي التفسير ممن لا يدري ما ينقل ؛ أن التأجيل منسوخ بآية السيف ، وقال بعضهم منسوخ بقوله : (فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ) [الأنفال : ٥٨] وهذا سوء فهم ، وخلاف لما عليه المفسرون ، فإن المفسرين اختلفوا فيمن جعلت له هذه الأشهر على أربعة أقوال :
الأول : أنها أمان لأصحاب العهد ، فمن كان عهده أكثر منها حط إليها ، ومن كان عهده أقل منها رفع إليها ، ومن لم يكن له عهد فأجله انسلاخ المحرم خمسون
__________________
(١) انظر «صفوة الراسخ» (ص ١٠٩) و «الناسخ والمنسوخ» (ص ١٥١) و «الإيضاح» (ص ٣٠٥) و «الناسخ والمنسوخ» لقتادة (ص ٤٣) و «جمال القراء» (ص ٢ / ٧١٧).