روى أبو صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : هذه الآية منسوخة بآية القتال ، وهذا لا يصح عن ابن عباس ، وقد بينّا أنه لا يتوجه النسخ في مثل هذه الأشياء ، لأن معنى الآية : ما أنا بوكيل في منعكم من اعتقاد الباطل ، وحافظ لكم من الهلاك إذا لم تعملوا أنتم لأنفسكم ما يخلصها.
ذكر الآية السادسة :
قوله تعالى : (وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ) [يونس : ١٠٩].
روى أبو صالح ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : هذه منسوخة بآية القتال. وهذا لا يثبت عن ابن عباس ، ثم إن الأمر بالصبر هاهنا مذكور إلى غاية ، وما بعد الغاية يخالف ما قبلها ، وقد شرحنا هذا المعنى في البقرة عند قوله : (فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ) [البقرة : ١٠٩] فلا وجه للنسخ في شيء من هذه الآيات (١).
الباب الثامن عشر
باب ذكر الآيات اللواتي
ادّعي عليهنّ النّسخ في سورة هود
ذكر الآية الأولى :
قوله تعالى : (إِنَّما أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) [هود : ١٢].
قال بعض المفسرين : معنى هذه الآية اقتصر على إنذارهم من غير قتال ، ثم نسخ ذلك بآية السيف.
والتحقيق أن يقال : إنها محكمة ، لأن المحققين قالوا : معناها : إنما عليك أن تنذرهم بالوحي لا أن تأتيهم بمقترحهم من الآيات ، والوكيل : الشهيد (٢).
ذكر الآية الثانية :
قوله تعالى : (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها) [هود : ١٥].
زعم قوم منهم مقاتل بن سليمان أن هذه الآية اقتضت أن من أراد الدنيا بعمله أعطي فيها ثواب عمله من الرزق والخير ، ثم نسخ ذلك بقوله : (عَجَّلْنا لَهُ فِيها
__________________
(١) المصدر السابق (ص ١١٢).
(٢) «صفوة الراسخ» (ص ١١٢).