ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ) [الإسراء : ١٨]. وهذا القول ليس بصحيح ، لأن الآيتين خبر ، وهذه الآية نظير قوله في آل عمران : (وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها) [آل عمران : ١٤٦] وقد شرحناها هناك (١).
ذكر الآية الثالثة والرابعة :
قوله تعالى : (وَقُلْ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنَّا عامِلُونَ وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ) [هود : ١٢١ ، ١٢٢].
قال بعض المفسرين : هاتان الآيتان اقتضتا تركهم على أعمالهم ، والاقتناع بإنذارهم ، ثم نسختا بآية السيف.
وقال المحققون : هذا تهديد ووعيد ، معناه : اعملوا ما أنتم عاملون فستعلمون عاقبة أمركم ، وانتظروا ما يعدكم الشيطان ، إنا منتظرون ما يعدنا ربنا. وهذا لا ينافي قتالهم ، فلا وجه للنسخ.
الباب التاسع عشر
باب ذكر الآيات اللواتي
ادّعي عليهنّ النّسخ في سورة الرعد
ذكر الآية الأولى :
قوله تعالى : (وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ) [الرعد : ٦].
قد توهم بعض المفسرين أن هذه الآية منسوخة ، لأنه قال : المراد بالظلم هاهنا الشرك ، ثم نسخت بقوله : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ) [النساء : ٤٨]. وهذا التوهم فاسد ، لأن الظلم عام ، وتخصيصه بالشرك هاهنا يحتاج إلى دليل ، ثم إن كان المراد به الشرك فلا يخلو الكلام من أمرين : إما أن يراد التجاوز عن تعجيل عقابهم في الدنيا ، أو الغفران لهم إذا رجعوا عنه ، وليس في الآية ما يدل على أنه يغفر للمشركين إذا ماتوا على الشرك.
ذكر الآية الثانية :
قوله تعالى : (فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسابُ) [الرعد : ٤٠].
__________________
(١) المصدر السابق (ص ١١٢ ـ ١١٣).