ذكر الآية الثانية :
(قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا) [طه : ١٣٥].
قالوا : هي منسوخة بآية السيف. وقد ذكروا في سورة الأنبياء ما لا يحسن ذكره مما ادعوا فيه النسخ فأضربنا عنه.
الباب الخامس والعشرون
باب ذكر الآيات اللواتي
ادّعي عليهن النسخ في سورة الحج
ذكر الآية الأولى :
قوله تعالى : (وَإِنْ جادَلُوكَ فَقُلِ اللهُ أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ) [الحج : ٦٨].
اختلفوا في هذه الآية على قولين :
الأول : أنها نزلت قبل الأمر بالقتال ثم نسخت بآية السيف.
والثاني : أنها نزلت في حق المنافقين ؛ كانت تظهر منهم فلتات ثم يجادلون عليها ، فأمر أن يكل أمورهم إلى الله تعالى ، فالآية على هذا محكمة (١).
ذكر الآية الثانية :
قوله تعالى : (وَجاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهادِهِ) [الحج : ٧٨] فيها قولان :
القول الأول : أنها منسوخة ، لأن فعل ما فيه وفاء لحق الله لا يتصور من أحد ، واختلف هؤلاء في ناسخها على قولين :
الأول : أنه قوله : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) [البقرة : ٢٨٦].
والثاني : (فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) [التغابن : ١٦].
والقول الثاني : أنها محكمة ، لأن حق الجهاد الجد في المجاهدة وبذل الإمكان مع صحة القصد فعلى هذا هي محكمة ، ويوضحه أن الله تعالى لم يأمر بما لا يتصور ، فبان أن قوله : (مَا اسْتَطَعْتُمْ) تفسير لحق الجهاد فلا يصح نسخ ، كما بينا في قوله تعالى في آل عمران : (اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ) [آل عمران : ١٠٢].
__________________
(١) انظر «صفوة الراسخ» (ص ١١٩) و «جمال القراء» (٢ / ٧٦٣).