ذكر الآية الثالثة :
قوله تعالى : (وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِ) إلى قوله : (إِلَّا مَنْ تابَ) [الفرقان : ٦٨ ـ ٧٠] للعلماء فيها قولان :
القول الأول : أنها منسوخة ، ولهؤلاء في ناسخها ثلاثة أقوال :
الأول : أنه قوله : (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ) [النساء : ٩٣] ، قاله ابن عباس رضي الله عنهما. والأكثرون على خلافه في أن القتل لا يوجب الخلود.
وقال أبو جعفر النحاس ، من قال : إن قوله : (وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ) الآيات نسخها قوله : (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً) فمعناه نزل بنسختها والآيتان واحد ، لأن هذا لا يقع فيه ناسخ ولا منسوخ ، لأنه خبر.
والثاني : قوله : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ) [النساء : ٤٨] الآية وهذا لا يصح ، لأن الشرك لا يغفر إذا مات المشرك عليه.
والثالث : أنه نسخت بالاستثناء في قوله : (إِلَّا مَنْ تابَ) وهذا باطل ، لأن الاستثناء ليس بنسخ.
والقول الثاني : أنها محكمة ، والخلود إنما كان لانضمام الشرك إلى القتل والزنا.
الباب التاسع والعشرون
باب ذكر
ما ادّعي عليه النسخ في سورة الشعراء
قوله تعالى : (وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ) [الشعراء : ٢٢٤].
[١٨٩] ـ أخبرنا ابن ناصر ، قال : ابنا ابن أيوب ، قال : ابنا ابن شاذان ، قال : ابنا أبو بكر النجاد ، قال : ابنا أبو داود السجستاني ، قال : بنا أحمد بن محمّد ، قال : بنا علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن يزيد النحوي ، عن عكرمة ، عن ابن عباس رضي الله عنهما (وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ) فنسخ من ذلك واستثنى ، فقال : (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَذَكَرُوا اللهَ كَثِيراً) [الشعراء : ٢٢٧].
قلت : وقد بينا أن الاستثناء ليس بنسخ ، ولا يعول على هذا ، وإنما هذه الألفاظ من تغيير الرواة وإلا.