الناسخ والمنسوخ ؛ فروى الضحاك عن ابن عباس ، قال : نسختها (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً) الآية [الفتح : ١].
[٢٠٨] ـ وأخبرنا المبارك بن علي ، قال : ابنا أحمد بن الحسين ، قال : ابنا البرمكي ، قال : ابنا محمد بن إسماعيل ، قال : بنا أبو بكر بن أبي داود ، قال : بنا محمد بن قهزاد قال : حدّثني علي بن الحسين بن واقد ، قال : حدّثني أبي ، وابنا محمد بن أبي منصور ، قال : ابنا علي بن أيوب ، قال : ابنا أبو علي بن شاذان ، قال : ابنا أبو بكر النجاد ، قال : بنا أحمد بن محمد ، عن علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن يزيد النحوي ، عن عكرمة ، عن ابن عباس رضي الله عنهما (وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ) نسختها الآية التي في الفتح ، فخرج إلى الناس فبشّرهم بالذي غفر له ، وما تقدم من ذنبه وما تأخر ، قال رجل من المؤمنين : هنيئا لك يا نبي الله ؛ قد علمنا الآن ما يفعل بك فما ذا يفعل بنا؟ فأنزل الله في سورة الأحزاب (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللهِ فَضْلاً كَبِيراً) [الأحزاب : ٤٧] وقال : (لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) [الفتح : ٥].
قلت : والقول بنسخها لا يصح لأنه إذا خفي عليه علم شيء ثم أعلم به لم يدخل ذلك في ناسخ ولا منسوخ. وقال النحاس : محال أن يقول رسول الله صلىاللهعليهوسلم للمشركين ما أدري ما يفعل بي ولا بكم في الآخرة ، ولم يزل يخبر أن من مات على الكفر يخلد في النار ، ومن مات على الإيمان فهو في الجنة ، فقد درى ما يفعل به وبهم في الآخرة. والصحيح في معنى الآية قول الحسن : وما أدري ما يفعل بي ولا بكم في الدنيا (١).
ذكر الآية الثانية :
قوله تعالى : (فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ) [الأحقاف : ٣٥].
زعم بعضهم أنها نسخت بآية السيف ، ولا يصح له هذا إلا أن يكون المعنى فاصبر عن قتالهم وسياق الآيات يدل على غير ذلك ، قال بعض المفسرين : كأنه ضجر من قومه ، فأحب أن ينزل العذاب بمن أبى منهم فأمر بالصبر.
__________________
(١) انظر «الناسخ والمنسوخ» للنحاس (ص ٢١٩ ـ ٢٢٠) و «صفوة الراسخ» (ص ١٣٣) و «جمال القراء» (٢ / ٨٣١ ـ ٨٣٣) و «الإيضاح» لمكي (ص ٤١١ ـ ٤١٢).