وحوشي القرآن من ذلك (١).
فصل
وقد زعم قوم : أن المستثنى ناسخ لما استثني منه ، وليس هذا بكلام من يعرف ما يقول ، لأن الاستثناء إخراج بعض ما شمله اللفظ ، وليس ذلك بنسخ ، وكذلك التخصيص (٢) ، وقد يجوّزه بعض السلف ؛ فيقول : هذه الآية نسخت هذه الآية ؛ أي : نزلت بنسختها.
الباب الرابع
باب
شروط النسخ
الشروط المعتبرة في ثبوت النسخ خمسة :
الشرط الأول : أن يكون الحكم في الناسخ والمنسوخ متناقضا ، بحيث لا يمكن العمل بهما جميعا ، فإن كان ممكنا لم يكن أحدهما ناسخا للآخر ، وذلك قد يكون على وجهين :
الوجه الأول : أن يكون أحد الحكمين متناولا لما تناوله الثاني بدليل العموم ، والآخر متناولا لما تناوله الأول بدليل الخصوص ، فالدليل الخاص لا يوجب نسخ دليل العموم ، بل يبين أنه إنما تناوله التخصيص لم يدخل تحت دليل العموم.
والوجه الثاني : أن يكون كل واحد من الحكمين ثابتا في حال غير الحالة التي ثبت فيها الحكم الآخر ، مثل تحريم المطلقة ثلاثا ، فإنها محرمة على مطلقها في حال ، وهي ما دامت خالية عن زوج وإصابة ، فإذا أصابها زوج ثان ارتفعت الحالة الأولى ، وانقضت بارتفاعها مدة التحريم ، فشرعت في حالة أخرى حصل فيها حكم الإباحة
__________________
له كثير من التصانيف ، أهمها كتاب «الفنون» وهو في ثلاثمائة مجلد ، ولا يزال مخطوطا ، طبع منه جزء صغير.
وفاته سنة ثلاث عشرة وخمسمائة (٥١٣).
ترجمته في : «طبقات الحنابلة» (١ / ١٤٢) و «سير أعلام النبلاء» (١٩ / ٤٤٣) و «البداية والنهاية» (١٢ / ١٨٤) و «شذرات الذهب» (٦ / ٥٨) و «ذيل طبقات الحنابلة» (١ / ١٦٣).
(١) نحوه في «الواضح في أصول الفقه» (٤ / ٢٤٤).
(٢) انظر في الفرق بين التخصيص والنسخ «الواضح في أصول الفقه» (١ / ٢٣٨) و (٤ / ٢٤٠ ـ ٢٤٢).