يقدمون بين يدي النجوى صدقة فلما نزلت الزكاة نسخ هذا.
قلت : كأنه أشار إلى الآية التي بعدها وفيها (فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ) [الحج : ٧٨] قال المفسرون : نزل قوله : (أَأَشْفَقْتُمْ) أي خفتم بالصدقة الفاقة (وَتابَ اللهُ عَلَيْكُمْ) [المجادلة : ١٣] أي تجاوز عنكم وخفف بنسخ إيجاب الصدقة. قال مقاتل بن حيان : إنما كان ذلك عشر ليال. وقد ذكرنا عن قتادة أنه قال : ما كان إلا ساعة من نهار.
الباب السادس والخمسون
باب ذكر
ما ادّعي عليه النسخ في سورة الحشر
قوله تعالى : (ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ) اختلف العلماء في المراد بهذا الفيء على قولين :
الأول : أنه الغنيمة التي يأخذها المسلمون من أموال الكفار عنوة ، وكانت في بدء الإسلام للذين سماهم الله هاهنا دون الغالبين الموجفين عليها ، ثم نسخ ذلك بقوله تعالى في الأنفال : (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ) الآية. هذا قول قتادة ويزيد بن رومان في آخرين (١).
[٢١٨] ـ أخبرنا إسماعيل بن أحمد ، قال : ابنا عمر بن عبيد الله ، قال : ابنا بن بشران ، قال : ابنا إسحاق بن أحمد ، قال : ابنا عبد الله بن أحمد ، قال : حدّثني أبي ، قال : بنا عبد الصمد ، عن همام ، عن قتادة (ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى) [الحشر : ٧] الآية ، قال : كان الفيء بين هؤلاء فنسختها الآية التي في الأنفال : (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ) [الأنفال : ٤١].
قال أحمد : وبنا معاوية بن عمرو ، قال : ابنا أبو إسحاق ، عن شريك ، عن جابر ، عن مجاهد وعكرمة ، قالا : نسخت سورة الأنفال سورة الحشر.
قال أحمد : وبنا وكيع ، قال : بنا إسرائيل ، عن جابر ، عن مجاهد وعكرمة
__________________
(١) انظر «صفوة الراسخ» (ص ١٣٧ ـ ١٣٨) و «الإيضاح» (ص ٤٣٠) و «جمال القراء» (٢ / ٨٦٠ ـ ٨٦٥) و «الجامع لأحكام القرآن» (١٨ / ١٢ ـ ١٣) و «جامع البيان» للطبري (٢٨ / ٤١).