ذكر الآية الثانية :
قوله تعالى : (وَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً) [المزمل : ١٠].
قال المفسرون : واصبر على ما يقولون من تكذيبهم إياك وأذاهم لك (وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً) لا جزع فيه وهذه منسوخة عندهم بآية السيف ، وهو مذهب قتادة وعلى ما بينا من تفسيرها يمكن أن تكون محكمة.
ذكر الآية الثالثة :
قوله تعالى : (وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً) [المزمل : ١١].
زعم بعض المفسرين أنها منسوخة بآية السيف ، وليس بصحيح ، لأن قوله (ذَرْنِي) وعيد ، وأمره بإمهالهم ليس على الإطلاق ، بل أمره بإمهالهم إلى حين يؤمر بقتالهم فذهب زمان الإمهال ، فأين وجه النسخ؟
ذكر الآية الرابعة :
قوله تعالى : (فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً) [المزمل : ١٩].
زعم بعض من لا فهم له أنها نسخت بقوله : (وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) [الإنسان : ٣٠] وليس هذا بكلام من يدري ما يقول ، لأن الآية الأولى أثبتت للإنسان مشيئته ، والآية الثانية أثبتت أنه لا يشاء حتى يشاء الله ، فكيف يتصور النسخ؟
الباب الثاني والستون
باب ذكر
ما ادّعي عليه النسخ في سورة المدثر
قوله تعالى : (ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً) [المدثر : ١١].
هذه نزلت في الوليد بن المغيرة (١) والمعنى : خلّ بيني وبينه فإني أتولى هلاكه.
وقد زعم بعضهم أنها نسخت بآية السيف وهذا باطل من وجهين.
الأول : أنه إذا ثبت أنه وعيد فلا وجه للنسخ ، وقد تكلمنا على نظائرها فيما سبق.
__________________
(١) انظر «المستدرك» (٢ / ٥٠٦).