واختلفوا ؛ هل يجوز نسخ الحكم قبل العمل به؟
فظاهر كلام أحمد : جواز ذلك ، وهو اختيار عامة أصحابنا ، وكان أبو الحسن التميمي يقول : لا يجوز ذلك ، وهو قول أصحاب أبي حنيفة. واحتجّ الأولون بأن الله تعالى أمر إبراهيم بذبح ولده ، ثم نسخ ذلك بالفداء قبل فعله. وأن النبي صلىاللهعليهوسلم فرض عليه وعلى أمته ليلة المعراج خمسون صلاة ثم نسخ ذلك بخمس صلوات.
ومن جهة المعنى : فإن الأمر بالشيء يقع فيه تكليف الإيمان به والاعتقاد له ، ثم تكليف العزم على فعله في الزمان الذي عين له ، ثم إذا فعل على الوجه المأمور به ، فجاز أن ينسخ قبل الأداء ، لأنه لم يفقد من لوازمه غير الفعل ، والنية نائبة عنه.
واحتج من منع من ذلك ؛ بأن الله تعالى إنما يأمر عباده بالعبادة لكونها حسنة ، فإذا أسقطها قبل فعلها خرجت عن كونها حسنة ، وخروجه قبل الفعل يؤدي إلى البداء.
وهذا كلام مردود بما بينا من الإيمان والامتثال ، والعزم يكفي في تحصيل المقصود من التكليف بالعبادة.
الباب السادس
باب فضيلة علم الناسخ والمنسوخ والأمر بتعلّمه
[٣] (١) ـ أخبرنا عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي قال : أخبرنا عبد الله بن محمد الصريفيني قال : أخبرنا عمر بن إبراهيم الكتاني ، قال : حدّثنا عبد الله بن محمد البغوي ، قال : بنا زهير بن حرب ، قال حدّثنا وكيع ، عن سفيان ، عن أبي حصين ، عن أبي عبد الرحمن ، أن عليا عليهالسلام مرّ بقاصّ ، فقال : أتعرف الناسخ والمنسوخ؟ قال : لا. قال : «هلكت وأهلكت».
__________________
(١) أثر صحيح.
أخرجه أبو جعفر النحاس في «الناسخ والمنسوخ» (ص ٧) ـ طبعة الكتب الثقافية ـ وأبو خيثمة في «العلم» رقم (١٣٠) وأبو بكر الهمداني في «الاعتبار في الناسخ والمنسوخ» (ص ٦ ط حمص) ورقم (٣) بتحقيقي ، وأبو عبيد في «الناسخ والمنسوخ» رقم (١) والبيهقي في «السنن الكبرى» (١٠ / ١١٧) والزهري في «الناسخ والمنسوخ» ص (١٣). من طريق : سفيان الثوري ، عن أبي حصين به.
قال الشيخ الألباني في تحقيقه لكتاب «العلم» (ص ٣١) : «إسناده صحيح على شرط الشيخين».