الذي ينتظرنا لأن مركز التنفس هو الذي يرقد هنا ، ومركز التنفس هذا هو الذي ينظم الحركات التنفسية ويعدّلها ويبطؤها أو يسرعها ، ونحن في الحالة الطبيعية لا نشعر بتنفسنا لأن يحدث بدون إرادة منا ولكن إذا ركزنا انتباهنا عليه فإن بالإمكان تسريعه أو إبطاؤه. والسبب في هذا يعود إلى الأوامر الجديدة التي ترسل من الدماغ إلى هذا المركز الذي يقف كالجندي المخلص يقوم بحراسته على أتم وجه ويبدل من حراسته كما يأتيه الأمر من قشر المخ ويتلقاه بكل سرور ، وفوراً يقوم بتعديل عمله على وفق ما جاءته الأوامر من الأعلى.
لقد وجد أن هناك تشكلات معقدة ، وارتباطات تبلغ درجة مخيفة من الدقة ، ففي جذع الدماغ حيث يحصل ارتباط الجزر الرمادية بألياف عصبية قصيرة ، وحيث تنشأ من مجموع هذه الشبكات القصيرة من الالياف أعقد الارتباطات ، وبين المكان والآخر من هذه التعقيدات نرى بعض الجزر الرمادية وكأنها الأحجار الصغيرة في الشبكات الكثيفة من أعشاب قاع البحر أو قاع النهر حينما تحجز في داخلها ...
نرى أن هذه التشكلات المعقدة تكمن فيها مراكز عجيبة في تنظيم الجسم وكأن المنطقة السفلية من الجماغ بندول الساعة الرقاس ، لأن تنظيم الإفرازات للغدد الموجودة في الجسم يكمن في هذه المناطق ، كما يكمن فيها تنظيم سرعة التنفس ، وضربات القلب وتعديلها وتوقيتها والمراكز المحركة للأوعية الدموية في الجسم كله التي ترفع توتر الدم أو تنقصه حسب حاجة البدن وما يواجهه من ظروف ، كما تكمن فيها مراكز البلع ، والمضغ ، والتصويت ، وتنظيم السكر في البدن ، وافراز العرق ، واللعاب ، ومركز النوم واليقظة ، وكذا تنظيم المشي ، ودورات الحيض ، وتنظيم حرارة البدن ، والتأثير على غدد التناسلية ، وبناء وهدم المواد في الجسم باشكالها الثلاثة وهي البروتينات والسكريات