ومن خلف القزحية تمتد منطقة ما بين نهاية البللورة إلى زاوية القزحية الخلفية ، إن هذه المنطقة هي منطقة البيت الخلفي التي تفرز سائلاً يشبه في تركيبه المصورة الدموية (١) ، ويبلغ حجمه ( ١,٢٥ سم ٣ ) وهذا الخلط يؤمن توازن العين فلا تنكمش كرة العين ، كما لا تنتفخ أكثر من اللازم فهو كالسائل الذي يملأ البالونة ، ويمر هذا السائل من خلال حدقة العين إلى البيت الأمامي حيث يفرغ بأقنية وأوردة صغيرة جداً يبلغ مقدارها (٣٠) قنية و (١٢) اثنا عشر وريد مائي ، وزيادة هذا السائل أو نقصه يؤثر بشكل واضح على كرة العين ، ومرض الزرق أو ما يسميه عامة الناس ( الماء الاسود ) سببه هو ازدياد توتر هذا السائل في العين ، وإذا لم يعالج قد يؤدي إلى العمى وفقد الرؤية. وهكذا يستتب التوازن في العين بافراز هذا السائل وافراغه تماماً كما مر معنا في بحث افراز السائل الامينوسي عند الجنين وامتصاصه ، أو السائل الدماغي الشوكي في الجملة العصبية ، وأما المنطقة ما بين الجسم البللوري والشبكية فهي مملوءة بسائل ثابت هو الخلط الزجاجي.
التطابق في الرؤية :
ولنقف الآن أمام ظاهرة من ظواهر العين المتقنة بشكل عظيم ، وهي التطابق مع المسافات والتطابق مع النور ، وتشكيل الأخيلة بشكل واضح على الشبكية ، إن الجسم البللوري مرن بشكل كبير فهو يزيد من تحدب وجهه المشرف على الحدقة ، أو يمدده وينقص من تحدبه ، وكل هذا يتناسب مع النظر للاشياء القريبة أو البعيدة ، فعندما تنظر ـ أيها القارىء ـ إلى بعد ٥ ـ ٦ أمتار فان العين ترى الأشياء بدون جهد
__________________
(١) يتكون الدم من اجتماع عنصرين اساسيين هما الكريات والمصورة ، والكريات هي الحمر والبيض والصفيحات ، والمصورة تحتوي على عناصر تعد بالعشرات.