يحدث ميوعته الهيبارين ، ومن اتزان هذين العنصرين ينساب الدم في العروق كأفضل ما يكون ، ينقل الغذاء والاكسجين ويعود حاملاً غاز الفحم وفضلات الاحتراق ، ولو زادت نسبة أحد هذين العنصرين بمقدار طفيف جداً لكان هذا معناه تخثر الدم أي تجلطه وانقلابه إلى أشبه ما يكون بالوحل ، كما أن العكس يجعل الدم في ميوعته كالماء (١) ، وبهذا الاتزان البديع ينساب الدم في مجاريه محتقظاً بلزوجته ، قائماً بوظائفه ..
ويعلم الكبد أن الحديد والنحاس والفيتامين ب١٢ تتدخل كلها في صناعة الدم ، لذلك فهو يحتفظ بها في مستودعات التخزين لكي ترسل حسب الحاجة ، فكيف تقوم بهذه الخلايا هذه الوظائف كلها؟ ... ومن هذه التفاعلات المعقدة المضطرمة تنتشر الحرارة وبعم الدفء في الأحشاء فتطمئن إلى سير العمل وروعة البناء وإحكام التكوين ..
ـ ٣ ـ
ونقف أخيراً أمام اصطياد الجراثيم والصباغات والمواد السامة ، وهي التي جعلتنا نسمي الكبد مركز الجمارك العالم لأنه يفتش الدم القادم فيبعد المشبوه ويمرر الطبيعي فإذا ما لوحظ أن هناك من يبعث بالنظام تصدى له بطرق يعجز عنها أعقل العقلاء!!! ..
هذه العملية هي ما تسمى بتعديل السموم ، فالسموم الداخلة إلى البدن يقوم الكبد بإيقاف أذاها بعدة طرق ، أولها : الاعتقال والقاء القبض على المجرم الضار حيث توضع في يديه الأقفال ويرسل مخفوراً إلى المراكز التي تتولى طرحه خارج البدن ، وهي ما تعرف بالازدواج
__________________
(١) تفوق لزوجة الدم الزوجة الماء بخمس مرات.