المساجد ، وأنّ من يعمرها له شأن كبير عند الله ، وفي تصدير الكلام بإنّما تنبيه على أنّ من لم يكن موصوفا بالصفات المذكورة لم يكن من أهل عمارة المسجد.
وقد اختلف في المراد بعمارتها. فقيل : إنّما المراد بها ترميمها بإصلاح ما استهدم منها وكنسها وفرشها والإسراج فيها ونحو ذلك من الأمور المطلوبة في ذلك ، ويؤيّد ذلك ما روي عنهم عليهمالسلام من كنس مسجدا يوم الخميس وليلة الجمعة فأخرج منه من التراب مقدار ما يذرّ في العين غفر الله له (١).
وما روي عنه صلىاللهعليهوآله من أسرج في مسجد من مساجد الله سراجا لم تزل الملائكة وحملة العرش يستغفرون له ما دام في المسجد ضوء من ذلك السراج (٢) ، ونحوهما من الأخبار.
وقيل : إنّ المراد بها شغلها بالعبادة والذكر وتلاوة القرآن ودرس العلم وصيانتها عمّا لم يبن له كأعمال أهل الدنيا واللعب وعمل الصنائع بل الحديث مطلقا غير ذكر الله ونحوه. فقد قيل : إنّ الحديث في المسجد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب (٣).
وعن النبيّ صلىاللهعليهوآله أنّه قال : يأتي في آخر الزمان ناس من أمّتي يأتون المساجد فيقعدون فيها حلقا ذكرهم الدنيا وحبّ الدنيا فلا تجالسوهم فليس لله فيهم حاجة (٤) ، وعنه صلىاللهعليهوآله قال الله تعالى : إنّ بيوتي في أرضى المساجد وإنّ زوّاري فيها عمارها فطوبى
__________________
(١) انظر الوسائل الباب ٣٢ من أبواب أحكام المساجد ص ٣٠٨ ج ١ ط أمير بهادر
(٢) انظر الوسائل الباب ٣٤ من أبواب أحكام المساجد ص ٣٠٩ ط أمير بهادر والمقنع ط الإسلامية ص ٢٧.
(٣) وروى في المستدرك ج ١ ص ٢٢٨ عن جامع الاخبار لحديث البغي في المسجد يأكل الحسنات كما تأكل البهيمة الحشيش.
(٤) انظر الوسائل الباب ١٤ من أحكام المساجد الحديث ٤ ص ٣٠٥ ط أمير بهادر رواه عن ورام بن أبي فراس ، ورواه في المستدرك ج ١ ص ٢٢٨ عن جامع الاخبار.