تشخيص موضوع الحجية
ظهور الكلام في المعنى الحقيقي قسمان ـ كما تقدّم ـ تصوّري وتصديقي ، والظهور التصوري كثيرا (١) ما لا ينثلم حتى في حالة قيام القرينة المتصلة على الخلاف. فاذا قال المولى «اذهب الى البحر وخذ العلم منه» كانت الجملة (٢) قرينة على ان المراد بالبحر معنى آخر غير معناه الحقيقي ، وعلى الرّغم من وجود القرينة فان الظهور التصوّري لكلمة «البحر» في معناها الحقيقي لا يزول ، وانما يزول الظهور التصديقي في ارادة المتكلم لذلك المعنى الحقيقي. من هنا صحّ القول بأنّ الظهور التصوّري للفظ في المعنى الحقيقي محفوظ حتى مع القرينة المتصلة على الخلاف ، وان الظهور التصديقي له (٣) في ذلك منوط بعدم القرينة المتصلة ، غير انه محفوظ حتى مع ورود القرينة المنفصلة ، فانّ القرينة المنفصلة لا تحول دون تكوّن اصل الظهور التصديقي للكلام في ارادة المعنى الحقيقي وانما تسقطه عن الحجية كما مرّ بنا في حلقة سابقة.
وعلى ضوء التمييز بين الظهور التصوّري والظهور التصديقي وبعد
__________________
(١) قال «كثيرا» ومثّل له بالبحر ، فان ظهوره التصوّري لا ينثلم رغم مجيء القرينة المتّصلة الدّالة على ارادة العالم. وفي مقابله «احيانا قليلة» مثل «ماء الورد» و «غلام زيد» ونحو ذلك فان الظهور التصوّري ل «ماء» و «غلام» ينخدش لكونهما بمثابة الكلمة الواحدة.
(٢) اي جملة «وخذ العلم منه».
(٣) اي للكلام في المعنى الحقيقي منوط ...