ومنها : أن يكون الموضوع الجائي بالخبر ، والشرط فسقه ، فكأنه قال : الجائي بالخبر اذا كان فاسقا فتبيّنوا.
ولا شك في ثبوت المفهوم في النحو الاخير لعدم كون الشرط حينئذ محقّقا للموضوع ، كما لا شك في عدم المفهوم في النحو الثاني لان الشرط حينئذ هو الاسلوب الوحيد لتحقيق الموضوع. وامّا في النحو الاوّل فالظاهر ثبوت المفهوم وان كان الشرط محققا للموضوع لعدم كونه هو الاسلوب الوحيد لتحقيقه ، وفي مثل ذلك يثبت المفهوم كما تقدّم توضيحه في مبحث مفهوم الشرط.
والظاهر من الآية الكريمة هو النحو الاوّل (*) فالمفهوم اذن ثابت.
والاعتراض الآخر يتلخّص في محاولة لابطال المفهوم عن طريق عموم التعليل بالجهالة الذي يقتضي اسراء الحكم المعلّل الى سائر موارد عدم العلم.
ويجاب على هذا الاعتراض بوجوه :
* احدها : ان المفهوم مخصّص لعموم التعليل ، لانه يثبت الحجية لخبر العادل غير العلمي ، والتعليل يقتضي عدم حجية كل ما لا يكون
__________________
(*) ولا سيّما وان الناس صنفان عادل وفاسق ، فذكر الفاسق إشارة واضحة الى عدم الاحتياج الى التبيّن في خبر العادل ، وإلّا للغا ذكره بخصوصه. ولا سيّما أيضا مع تقديم قوله تعالى «فاسق» على ذكر النبأ فلعلّه إشارة الى تعليل لزوم التبين بكونه فاسقا لكون النظر الى كونه فاسقا. وهذه الاشارات نؤيّد الوجه الثالث ايضا.
(ولكن) مع كل هذا لم يصل الظهور الى حدّ يسلّم بوضوحه العرف ، وذلك لوضوح احتمال إرادة الوجه الثاني أيضا.