فلأنّ قيده محقّق بكلا جزأيه لتوفّر القدرة التكوينية وعدم الابتلاء بالضد بالمعنى الذي يفترضه الوجه الثاني (١) ، وفعلية الامر بالضدّين معا مستحيلة فلا بد اذن من الالتزام بالوجه الاوّل فيكون التكليف باحد الضدين بنفس ثبوته نافيا للتكليف بالضد الآخر.
وذهب المحقق النائيني رحمهالله الى الثاني ، وهذا هو الصحيح ، وتوضيحه ضمن النقاط الثلاث التالية :
النقطة الاولى : ان الامرين بالضدّين ليسا متضادين بلحاظ عالم المبادئ ، إذ لا محذور في افتراض مصلحة ملزمة في كل منهما وشوق اكيد لهما معا ولا بلحاظ عالم الجعل كما هو واضح ، وانما ينشأ التضاد بينهما بلحاظ التنافي والتزاحم بينهما في عالم الامتثال ، لانّ كلّا منهما بقدر ما يحرّك نحو امتثال نفسه يبعّد عن امتثال الآخر.
النقطة الثانية : ان وجوب احد الضدّين (٢) اذا كان مقيّدا بعدم امتثال التكليف بالضد الآخر او بالبناء على عصيانه فهو وجوب مشروط على هذا النحو (٣) ويستحيل ان يكون هذا الوجوب المشروط منافيا في
__________________
(١) اي وعدم الاشتغال بالضد الاهمّ أو المساوي.
(٢) كالصلاة ، و «الضدّ الآخر» في كل هذه النقطة وفي النقطة الثالثة مثاله الانقاذ. (ملاحظة) هذه النقطة ناظرة الى احد الضدّين والنقطة الثالثة ناظرة الى الضدّ الآخر.
(٣) فيكون وجوب جعل الصلاة ـ مثلا ـ هكذا : إن لم تمتثل الضد ـ سواء كان اهم (كالانقاذ) او مساويا (كما في الانقاذين لشخصين بنفس الاهميّة عند الله سبحانه وتعالى) ـ فصل.