وعلى هذا فعجز المكلّف عن الجمع بين واجبين انما يحقق التزاحم لا التعارض فيما اذا لم يكونا من قبيل النقيضين او الضدين اللذين لا ثالث لهما ، وإلا دخلت المسألة في باب التعارض.
ويمكننا ان نستنتج من ذلك ان ثبوت التزاحم وانتفاء التعارض مرهون بامكان الترتب الذي يعني كون كل من الامرين مشروطا بعدم الاشتغال بمتعلّق الآخر ، فكلما امكن ذلك صحّ التزاحم ، وكلما امتنع الترتب ـ كما في الحالتين المشار اليهما ـ وقع التعارض.
اطلاق الواجب لحالة المزاحمة
قد تكون المزاحمة قائمة بين متعلّقي امرين على نحو يدور الامر بين امتثال هذا او ذاك ، كما اذا كان وقت الصلاة ضيقا وابتلي المكلف بنجاسة في المسجد تفوت مع ازالتها الصلاة رأسا ، وقد لا تكون هناك مزاحمة على هذا النحو وانما تكون بين احد الواجبين [كالازالة] وحصة معينة من حصص الواجب الآخر ، ومثاله ان يكون وقت الصلاة موسّعا وتكون الازالة مزاحمة للصلاة في اوّل الوقت وبامكان المكلّف ان يزيل ثم يصلّي ، ونحن كنا نتكلم عن الحالة الاولى من المزاحمة (١) ، وامّا الحالة الثانية فقد يقال انه لا مزاحمة بين الامرين لامكان امتثالهما معا ، فان الامر بالصلاة متعلق بالجامع بين الحصّة المزاحمة وغيرها ، والمكلف قادر على ايجاد الجامع مع الازالة ، فلا تضادّ بين الواجبين ، وهذا يعني ان كلّا
__________________
(١) وهي كما لو كان وقت الصلاة ضيقا اي للواجب حصّة واحدة فقط.