الثمرة الفقهية للنزاع في الوجوب الغيري
ومسألة الملازمة بين وجوب الشيء ووجوب مقدمته على الرّغم من كونها من المسائل الاصولية العريقة في علم الاصول قد وقع شيء من التحيّر لدى باحثيها في ثمرتها الفقهية. وقد يبدو لاوّل نظرة ان ثمرتها اثبات الوجوب الغيري وهو حكم شرعي نستنبطه من الملازمة المذكورة. ولكن الصحيح عدم صواب هذه النظرة ، لان الحكم الشرعي الذي يبحثه علم الفقه ـ ويطلب من علم الاصول ذكر القواعد التي يستنبط منها ـ انما هو الحكم القابل للتحريك المولوي الذي تقع مخالفته موضوعا لاستحقاق العقاب ، وقد عرفت ان الوجوب الغيري ـ على تقدير ثبوته ـ ليس كذلك فهو (١) لا يصلح ان يكون بنفسه ثمرة لهذه المسألة الاصولية (٢). وافضل ما يمكن ان يقال بهذا الصدد تصوير الثمرة كما يلي :
__________________
المقدّمة الاخيرة (التوليدية) ولعدم وجود دليل عقلي ولا نقلي على حرمة سائر المقدمات ولا سيّما وان محط نظر المولى في الحرام هو نفس الحرام لا مقدماته حتى وان كان متجرّئا فيها على الله سبحانه وتعالى. (نعم) لا يبعد انه يستحق العقاب عليها لتجرّئه بنيته وهمّه بما يؤدي الى الحرام لا لكونها مقدمة حرام فافهم.
(١) اي اثبات كون وجوب المقدمة شرعيا.
(٢) لانّ الوجوب الغيري تبعي لوجوب ذي المقدّمة ، فالوجوب الغيري ـ لو لا الوجوب النفسي ـ غير قابل للتحريك ، ولذلك لو لم ـ يحجّ الانسان فانه يعاقب على عدم الحج لا على عدم ذهابه الى الحج ايضا.