للمصلحة والمفسدة في الحكم النظري لان المصلحة ليست بذاتها مقتضية للجري العملي ويختص الحكم العملي من العقل بادراك الحسن والقبح.
وسنتكلّم فيما يلي عن الملازمة بين كلا هذين القسمين من الحكم العقلي وحكم الشارع :
الملازمة بين الحكم النظري وحكم الشارع
لا شك في ان الاحكام الشرعية تابعة للمصالح والمفاسد وان الملاك متى ما تمّ بكل خصوصياته وشرائطه وتجرّد عن موانع التأثير (١) كان بحكم العلّة التامّة الداعية للمولى الى جعل الحكم على طبقه وفقا لحكمته تعالى. وعلى هذا الاساس فمن الممكن نظريا ان نفترض ادراك العقل النظري لذلك الملاك بكل خصوصياته وشئونه ، وفي مثل ذلك يستكشف الحكم الشرعي لا محالة استكشافا لميّا ، اي بالانتقال من العلّة الى المعلول. ولكن هذا الافتراض صعب التحقق من الناحية الواقعية في كثير من الاحيان لضيق دائرة العقل وشعور الانسان بانه محدود الاطلاع ، الامر الذي يجعله يحتمل غالبا ان يكون قد فاته الاطلاع على بعض نكات الموقف ، فقد يدرك المصلحة في فعل ولكنه لا يجزم عادة بدرجتها وبمدى اهميّتها وبعدم وجود اي مزاحم لها ، وما لم يجزم بكل ذلك لا يتمّ الاستكشاف.
__________________
(١) في النسخة الاصلية «عن الموانع عن التاثير» ، وما اثبتناه أولى.