__________________
إلى هذا الاختيار مع انه يؤمن بالتغاير بين الحكم في مرحلة الفعلية والحكم في مرحلة التنجّز كما صرّح هو بنفسه بهذا التغاير في بعض كلماته (راجع مثلا تقريرات السيد الهاشمي ج ٧ ص ٥٢) ، فانه لا شك في التمايز بينهما بالشرائط الاربعة العامّة ، فحرمة الخمر مثلا فعلية على الجاهل ، ولكنها ليست منجّزة عليه حتّى يعلم بالحكم والموضوع وتتمّ عنده سائر شرائط التكليف العامّة ....
(إذن) على قولنا الاستعمال حقيقي وواضح عرفا ، والمرفوع ـ استعمالا وجدّا ـ واحد وهو الحكم المنجّز ولذلك يكون الرفع ظاهريا لانه في عالم الاثبات والتنجز ....
وإذا اردت توضيحا اكثر فنقول : إنّ العلم والقدرة والبلوغ والعقل هي من الشرائط العامّة للتكليف كما هو معروف ، بيان ذلك :
إن الفعل الحسن حسن بذاته سواء صدر من العالم أو الجاهل البالغ ام الصغير ، العاقل ام المجنون ، ام لم يصدر لعجز الانسان ، فاهلاك الكفر والكافرين رغم عجز الانسان عن ذلك حسن ولا يخرجه عجزه عن حسنه ، وكذلك القبيح قبيح ، وان الحسن والقبح حكمان من احكام العقل العملي ناتجان من المصلحة والمفسدة اللتين يكتشفهما العقل النظري ، فإذا تمّ الملاك ـ مع غضّ النظر عن شرائط التكليف الاربعة العامّة ـ يعني ذلك ان موضوع الحكم الفعلي قد تمّ ، وصار الحكم فعليا بلا إشكال ، نعم لا يتنجّز عليه الفعل إلّا إذا تحقّقت هذه الشرائط العامّة ، مثال ذلك : انّ قتل المؤمن ظلما اشتباها ـ لاعتقاده انه كافر محارب مثلا. هو ذو مفسدة لازمة وقبيح بلا شك فهو حرام فعلا على القاتل ، لكن هذا التكليف غير منجّز عليه لاعتقاده بانه كافر محارب مباح الدم ، فهذا العمل تامّ القبح ولو صدر من صغير أو مجنون ، لكن لا يصحّ ان يوصف عمل هذا المجنون مثلا بالحرام ، لأنّ هذه اللفظة لا تطلق إلّا على من هو اهل لها فلا يقال للحيوان المفترس الذي يقتل مؤمنا انه فعل حراما ، ولكن يقال انه قد فعل عملا قبيحا في ذاته لا في اعتقاده ، وهكذا في المجنون ، وبما انّ روح الحكم وقوامه وعلته هو ملاكه وليس الجعل إلّا معلولا وكاشفا عن العلّة ولا استقلالية له لأنّ وجوده تابع محض لعلته وقوام وجوده ، ولذلك إن لم يصحّ ان يطلق على قتل المجنون لنفس محترمة كانسان مؤمن مثلا بانه فعل محرّما فان يصحّ ان