وهذه المحاولة ليست صحيحة ، إذ ليس المحذور في مجرّد اجتماع هذين الوصفين في اسناد واحد (١) ، بل يدّعى أنّ نسبة الشيء إلى ما هو له مغايرة ذاتا لنسبة الشيء إلى غير ما هو له ، فإن كان الاسناد في الكلام مستعملا لافادة إحدى النسبتين اختصّ بما يناسبها ، وإن كان مستعملا لافادتهما معا فهو استعمال لهيئة الاسناد في معنيين ، ولا جامع حقيقي بين النسب لتكون الهيئة مستعملة فيه.
والصحيح أن يقال : إنّ إسناد الرفع مجازي حتّى إلى التكليف ، لأنّ رفعه ظاهري عنائي وليس واقعيا (٢).
والتصوير الثاني : ان الجامع هو التكليف وهو يشمل الجعل بوصفه تكليفا للموضوع الكلّي المقدّر الوجود ، ويشمل المجعول بوصفه تكليفا للفرد المحقّق الوجود (٣) ، وفي الشبهة الحكمية يشك في التكليف
__________________
(١) وهو اسناد الرفع إلى التكليف والموضوع.
(٢) كنّا قد ذكرنا في شرح ٣ ص ٩٧ أنّ المرفوع عند السيد الشهيد هو الوجود التشريعي لموضوع الحكم ، فشرب الخمر عند الجهل او الاضطرار ليس بشرب للخمر في نظر الشارع لكن لا بمعنى رفعه واقعا وصيرورته مباحا واقعا ، بل بمعنى رفع آثاره ، فالمرفوع الحقيقي هو الآثار ، فاسناد الرفع إذن إلى التكليف يكون اسنادا مجازيا ، وهذا هو مراده من كلامه هنا بأن الرفع عنائي أي مجازي ، أي ان الظاهر ان المرفوع هو موضوع الحكم ـ كشرب الخمر في حال الاضطرار ـ ولكن الواقع أن المراد الجدي هو رفع الآثار كالحدّ ، فتغاير المدلول الاستعمالي عن المراد الجدي وهو المجاز ، وذلك كما تستعمل لفظة أسد في الرجل الشجاع.
(٣) أي بوصفه تكليفا للمكلف الذي تحققت لديه شرائط فعلية الحكم.