* النقطة الثانية : إنّ الاحتياط متى ما أمكن فهو مستحب كما عرفت ، ولكن قد يقع البحث في إمكانه في بعض الموارد ، وتوضيح ذلك :
__________________
بالاحتياط لا بدّ وان تحمل على الارشاد إلى حكم العقل بحسن الاحتياط ولا يعقل ان يكون الامر بالاحتياط فيها مولويا (أي شرعيا) ، وإلّا يلزم اللغوية والتسلسل ... وهنا يردّ السيد على محذور التسلسل فيقول : إنّما نقع في محذور التسلسل ان قلنا بترتّب الاحتياط المولوي على الاحتياط العقلي ، ولا نقول به ، وإنّما الاحتياط المولوي مترتّب على نفس الحكم الواقعي الاوّلي ، فلا تسلسل.
وببيان اكثر تفصيلا نقول : إن مراد السيد الشهيد (قده) هنا هو أن الذي يقع في سلسلة معلولات الحكم الشرعي الواقعي الأوّلي هو حكم العقل بلزوم امتثال الحكم الواقعي المجهول لأجل إطاعة المولى ، ولذلك قال السيد هنا" والعقل إنّما يستقلّ بحسن التجنّب الانقيادي والقربي خاصّة" ، والذي ورد في ادلة الاحتياط هو مجرد الاحتياط واجتناب الوقوع في الشبهة وهو أعم من التجنّب الانقيادي والقربي ، بمعنى ان الاحتياط الشرعي يفيدنا استحباب الاحتياط ولو من دون نيّة الانقياد والقربة وادراك الواقع ، فاختلف الاحتياط الشرعي من هذه الجهة عن الاحتياط العقلي ، فالاحتياط الشرعي غير متوقّف على الاحتياط العقلي ، بل هما في عرض واحد ، فلا تسلسل(*)
__________________
(*) هذا لا نوافق عليه ، لأنّ المتأمّل في كل روايات الاحتياط يعرف ان الهدف من هذا الاحتياط هو نفس الهدف الذي من اجله يستقل العقل بحسن الاحتياط وهو. كما تعلم. ادراك الاغراض الواقعية وعدم الوقوع في مخالفتها أو مخالفة الوظيفة العملية.
(نعم) لا تسلسل بين الاحتياطين الشرعي والعقلي ، لعدم توقّف الشرعي على العقلي ، (وكون) الشرعي مرشدا الى الاحتياط العقلي لا يعني انه متوقّف عليه ، بل يعني انه مؤيّد له ومذكّر به لا غير.