إنّه إذا احتمل كون فعل ما واجبا عباديا ، فإن كانت اصل مطلوبيّته معلومة أمكن الاحتياط بالاتيان به بقصد الامر المعلوم تعلقه به (١) حتى وان لم يعلم كونه وجوبا أو استحبابا فان هذا يكفي في وقوع الفعل عباديا وقربيا ، وامّا إذا كانت اصل مطلوبيّته غير معلومة فقد يستشكل في امكان الاحتياط حينئذ ، لأنّه إن أتى به بلا قصد قربي فهو لغو جزما ، وإن أتى به بقصد امتثال الامر فهذا يستبطن افتراض الامر والبناء على وجوده ، مع أن المكلّف شاك فيه وهو تشريع محرّم ، فلا يقع الفعل عبادة لتحصل به موافقة التكليف الواقعي المشكوك.
وقد يجاب على ذلك بوجود أمر معلوم وهو نفس الامر الشرعي الاستحبابي بالاحتياط فيقصد المكلّف امتثال هذا الأمر ، وكون الأمر بالاحتياط توصليا لا تتوقف (٢) موافقته على قصد امتثاله لا ينافي (٣) ذلك (٤) ، لأن ضرورة قصد امتثاله في باب العبادات لم تنشأ من
__________________
(١) أي أمكن الاحتياط بداعي امتثال الأمر الشرعي المتعلق بالفعل حتى وإن لم يعلم ..
(٢) عطف بيان ل «توصليا».
(٣) خبر ل «كون».
(٤) اي لا ينافي صحّة قصد امتثال الامر الشرعي الاستحبابي بالاحتياط ، ولا داعي لكون هذا الامر بالاحتياط عباديّا ليصحّ قصد الامتثال ، ويكفي في عبادية العمل كون نفس متعلّق الاحتياط عباديا ككونه صلاة مثلا.
ولا يفوتنّك ان محلّ الكلام في إمكان الاحتياط هنا هو فيما إذا كان المأتي به محتمل العبادية لا توصليا ، إذ لا اشكال في إمكان الاحتياط في التوصّلي