يمتنع إذا كان منافيا للحكم الواقعي ، والمفروض عدم المنافاة بين الحكم الظاهري والحكم الواقعي ، لا بلحاظ نفسه ولا بلحاظ مبادئه ، فلم يبق إلّا التنافي بلحاظ عالم الامتثال ، وقد فرضنا هنا أن حكم العقل بوجوب الموافقة القطعية (١) قابل للرفع بالترخيص الشرعي على خلافه ، فلم يبق هناك تناف بين الترخيص القطعي في المخالفة الواقعية والتكليف المعلوم بالاجمال في أيّ مرحلة من المراحل.
__________________
(١) قال السيد الخوئي في ردّه على المحقّق العراقي (قدس سرّهما) إنّ الجمع بين الترخيصين المشروطين سوف يوقعنا في الترخيص في المخالفة الواقعية ـ وذلك فيما إذا تركنا الطرفين معا ـ وهذا «الترخيص في المخالفة الواقعية» ينافي علمنا الاجمالي بوجود نجس بين الاطراف.
فأجابه السيد الشهيد بأنّه لا إشكال في أن يرخّصنا الشارع في المخالفة الواقعية نظريا ، وذلك فيما لو ترك كلا الاناءين ، وأيّ استحالة في ذلك ح؟! إذ لا منافاة بين هذين الترخيصين والحكم الواقعي لا بلحاظ أنفسهما ، إذ أنّ الأوّلين ظاهريّان موضوعهما الشك في الحكم الواقعي ، والثالث واقعي ، ولا منافاة بين مبادئهما ، إذ أنّ مبادئ الاوّلين هي مثلا التسهيل على الناس الأهم من مفسدة نجاسة أحد الأطراف ... ولا منافاة بينها في مرحلة الامتثال أيضا إذ ليس له أن يرتكب الاناءين معا كما هو المفروض ، ولا إشكال في إمكان الترخيص ـ ثبوتا وعقلا كما اسلفنا ـ في احد الطرفين ، إذ ان حكم العقل بوجوب تركهما معا قابل للرفع عقلا بالترخيص الشرعي في ارتكاب ما عدا مقدار الجامع ، وبعد هذا لا إشكال إذا أدّى هذان الترخيصان إلى الترخيص في المخالفة الواقعية نظريا لا عمليا ، إذ لا منافاة ح بين هذا الترخيص النظري وبين التكليف المعلوم بالاجمال.