بلحاظ المتذكّر ومطلق بلحاظ النّاسي ، أو مهمل ، والاوّل خلف ، إذ معناه عدم كون النّاسي مكلّفا بالأقل ، والثاني كذلك لأنّ معناه كون المتذكّر مكلّفا بالأقلّ وسقوط الخطاب الاوّل بصدور الاقل منه ، والثالث رجوع إلى الخطاب الواحد الذي ذكرناه ، ومعه لا حاجة إلى افتراض خطاب آخر يخصّ المتذكّر ، والرابع غير معقول ، لأنّ التقابل بين الاطلاق والتقييد في عالم الجعل تقابل السلب والايجاب (١) فلا يمكن انتفاؤهما معا.
وعلى هذا الاساس فالمقام من صغريات دوران الواجب بين الأقل والأكثر ، فيلحقه حكمه من جريان البراءة عن الزائد. بل التدقيق في المقارنة يكشف عن وجود فارق يجعل المقام احقّ بالبراءة من حالات الدوران المذكور ، وهو ان العلم بالواجب المردّد بين الأقلّ والأكثر قد يدّعى كونه في حالات الدوران المذكور علما إجماليا منجّزا ، وهذه الدعوى لئن قبلت في تلك الحالات فهنا سبب خاصّ يقتضي رفضها في المقام وعدم امكان افتراض علم إجمالي منجّز هنا ، وهو انّ التردّد بين الأقل والأكثر في المقام إنّما يحصل للنّاسي بعد ارتفاع النسيان ، والمفروض انّه قد أتى بالاقلّ في حالة النسيان ، وهذا يعني انّه (٢) يحصل بعد امتثال احد طرفيه ، فهو نظير ان تعلم اجمالا بوجوب زيارة أحد
__________________
(١) أي والرابع وهو الاهمال غير معقول ثبوتا ، إذ إمّا ان المولى تعالى قد قيّد الخطاب الأوّل بالزائد بالنسبة الى المتذكّر وإمّا لا ، فالتقييد عبارة عن الايجاب والاطلاق (أي عدم التقييد) عبارة عن السلب فصار التقابل بين الاطلاق والتقييد تقابل المتناقضين ، والنقيضان لا يجتمعان ولا يرتفعان.
(٢) أي الشك.