__________________
أهمّيتها في نظره ، وقد أشار إلى ذلك الهداة الميامين (عليهمالسلام) ، نكتفي باثنتين منها لوضوح الأمر وهما :
١ ـ ورد بطرق العامّة أنّ الرسول الأعظم خطب الناس فقال : «ايّها النّاس قد فرض الله عليكم الحجّ فحجّوا» ، فقال رجل : أكلّ عام يا رسول الله؟ فسكت صلىاللهعليهوآلهوسلم حتّى قالها ثلاثا ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لو قلت نعم لوجب ، ولما استطعتم» ، ثمّ قال : «ذروني ما تركتكم ، فانّما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم ، فاذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم ، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه» (محاضرات السيد الخوئي ج ٢ ص ٤٧٧).
٢ ـ وفي نهج البلاغة : قال (عليهالسلام): «إنّ الله افترض عليكم الفرائض فلا تضيّعوها ، وحدّ لكم حدودا فلا تعتدوها ، ونهاكم عن أشياء فلا تنتهكوها ، وسكت لكم عن أشياء ولم يدعها نسيانا فلا تتكلّفوها» (جامع أحاديث الشيعة ج ١ ص ٣٣٠).
ورواها في الفقيه بمتن شبيه بالمذكور قال : «... وسكت عن أشياء لم يسكت عنها نسيانا فلا تتكلّفوها رحمة من الله لكم فاقبلوها» (المصدر السابق). وهذا كلّه اقرار بل إرشاد للناس للاستفادة من حكم العقل بالبراءة.
وقد تتساءل فتقول : لعلّ الهداة المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين قد بلّغوا رسالات ربّهم ولكن لم تصلنا بشكل معتبر إمّا لجهالة بعض رجال السند عندنا وإمّا لجهالة معاني بعض الألفاظ ، فانّ ذلك أمر طبيعي إذا أخذنا بعين الاعتبار ما مرّ على الاسلام والمسلمين من المحن والفتن بدء بيوم السقيفة مرورا بكربلاء وما حصل على المؤمنين في عصري الأمويين والعبّاسيين ... وقد جرت سنّة الله أن يجري الأمور بأسبابها.
(أقول) إنّ الهداة المعصومين عليهمالسلام ينظرون في تبليغهم الأحكام الشرعية إلى الموجودين في عصر الصدور وإلى الذين سيوجدون فيما بعد ، وهذا أمر لا شكّ فيه ، ويعلمون أيّ رواية سوف تصل إلى الأزمنة اللاحقة صحيحة السند والدلالة وأيّها لن تصل كذلك ، وقد صرّح الامام الثاني عشر (عج) بذلك بقوله ـ في صحيحة أبو حامد أحمد بن إبراهيم المراغي ـ «فانّه لا عذر لأحد من موالينا في التشكيك فيما روى عنا ثقاتنا ، قد عرفوا