__________________
بأننا نفاوضهم بسرّنا ونحمّله إيّاه إليهم ، وعرفنا ما يكون من ذلك إن شاء الله تعالى» ، بل هذا اوضح من أن يذكر ، والروايات فيه متكاثرة.
فالهداة المعصومون صلوات الله عليهم أجمعين سواء كانوا بصدد تبليغ تمام احكام الشريعة أم المهم منها لا يبلّغونها كاناس عاديّين حتّى نقول بان الظروف القاسية منعت من إيصال جميع ما صدر عنهم ، ولكنهم يبلّغون كخلفاء الله في أرضه ولهم كل القدرة التكوينية في إيصال الاحكام إلى العصور المتأخّرة وهم بمقتضى مقامهم ووظيفتهم الرسالية يبلغون رسالات ربّهم سواء (قلنا) بوجوب التبليغ عليه صلىاللهعليهوآلهوسلم كما فى قوله تعالى السابق (قل أطيعوا الله وأطيعوا الرّسول فإن تولّوا فإنّما عليه ما حمّل وعليكم مّا حمّلتم وإن تطيعوه تهتدوا وما على الرّسول إلّا البلغ المبين) ، وقد ذكر فيه وجوب التبليغ عليه صلىاللهعليهوآلهوسلم مرتين ، بل هذا أمرّ واضح من كونه رسولا في تبليغ رسالات ربّه ، ام (قلنا) بعدم الوجوب ، لكن على الثاني نعلم أيضا أنهم قد بلّغوا تمام احكام الشريعة المهمّة التي لا مجال للترخيص فيها ، وهذا امر لا ينبغي الارتياب فيه ، فانّ غرضهم هو بيان الشريعة الالهية للنّاس ، ولذلك كانوا يحثّون على كتابة رواياتهم وحفظها.
إذن كما أنّ غاية الشارع المقدّس تبليغ الناس في عصر ظهورهم المبارك كذلك غايته ايصال الاحكام إلى العصور اللاحقة ، بل الايصال إلى العصور اللاحقة أهم من جهات ، منها أكثرية اتباعهم فيها على اتباعهم في عصرهم بأضعاف مضاعفة ، ومنها عدم وجود مبلّغ عن الله ظاهر ، ومنها هذا الفاصل الزمني الطويل الذي يوجب عادة خفاء الكثير من موجبات العلم بالاحكام كما في معرفة بعض الالفاظ التي كانت معروفة آنذاك او معرفة الرجال الذين نجهلهم اليوم إلى غير ذلك ، كلّ هذا يجعلنا نعلم أنهم صلوات الله عليهم كانوا بصدد ايصال تمام الأحكام المهمّة إلينا والكثير جدا من غيرها كما ورد في ابواب الأخلاق والاطعمة والاشربة والاخبار الغيبيّة وغيرها.
وعلى ضوء ما ذكرنا تعرف انه إن لم يصل إلينا حكم ما بنحو معتبر سندا أو دلالة فهذا يكشف لا محالة عن رضا الشارع بتركه والترخيص به. ولم أر من صرّح بهذا الكلام إلّا المحقّق الحليّ (قده) وارتضاه غيره كما ذكرنا ذلك سابقا ص ٣٨