__________________
فكأن الرّسول الاعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم يريد ان يقول لهم كيف تنسبون إلى الله تعالى انّه حرّم ما في بطون الانعام على الاناث وحلّلها على الذكور؟ والحال انّها لو كانت حلالا لحلّت للذكور والاناث ولو كانت حراما لحرمت عليهم فان لم يكن لكم علم بالتحريم فعليكم باصالة البراءة العقلية أو قل الحلية الظاهرية ... الخ ، والكيفية الصحيحة لهذا الجدال ان يبرهن الرسول الاعظم على حلّية ما يدّعون حرمتها من دون ان يستعمل دعوى نبوّته. لاننا كما قلنا هم في هذا الجدال ينكرون نبوّته ولو ظاهرا. ، ويتمّ هذا البرهان بأحد نحوين يفهمان من هذه الآيات الشريفة وهما :
١. عدم شهادتهم للتحريم المدّعى بل عدم وجود علم لديهم ـ بما يشمل الدليل الحجّة ، لأنّه يعتبر بنظر العقلاء بمثابة العلم من حيث وجوب الاتباع ـ وهو كاف عقلائيا في اجراء الحلية الظاهرية.
٢. عدم وجدان الخبير الصادق لهذا التحريم على طاعم مطلق ـ سواء كان مسلما أم يهوديا ام غيرهما ـ فعدم وجدانهم بمعونة عدم وجدان النبي (ص) ـ مع عدم اعترافهم بنبوته ـ يدعوهم الى اجراء الحليّة الظاهرية ، لأنّه هو الاصل في الأمور المجهولة بالنسبة إلى الخبراء بعد البحث في الشريعة السماوية ، ولذلك لم يقل الله تعالى عنهم انهم ادّعوا اصالة الاشتغال ، وذلك لأنّ فرض الكلام هو حالة ما بعد فحص الخبراء.
هكذا يخصم اليهود ، امّا لو تكلّم الرّسول من حيث كونه رسولا فانّهم لا يخصمون ولا ينتهي الجدال وذلك امارة عدم الحكمة في الجدال ، وحاشا لله ولرسوله ذلك ، وذلك لأنّ الرسول الاعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم لو قال : أنا لم اجد في الوحي ان ذلك محرّم على احد ، وعدم وجداني يساوق عدم الوجود لكوني نبيا ، إذن لا حرمة واقعا لا علينا ولا عليكم ، فانّ لليهود ان يقولوا : نحن أصلا لا نؤمن بنبوّتك ، ولا أقل في مقام هذا الجدال. إذ وردت هذه الآيات في مكة المكرّمة باتفاق المفسّرين. فكان عليك ان تثبت لنا نبوّتك اوّلا ثم تقول عدم وجداني دليل على عدم الوجود ...
(فان قيل) : إذن كيف تفسّر استعمال الرّسول الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم كلمة فيما أوحي إليّ في مقدّمات برهانه؟