مخالف ، ففي مثل ذلك يكون دليل الحكم الثاني تامّا ومدلوله فعليا ، وبذلك يرتفع موضوع دليل الحكم الاوّل ، وامّا دليل الحكم الاوّل فيستحيل ان ينطبق مدلوله على المورد ، لأنّه إن اريد به اثبات مفاده حتّى في غير حال امتثاله فهو مستحيل ، لأنّ غير حال امتثاله هو حال فعلية الحكم الثاني التي لا يبقى معها موضوع للحكم الاوّل .... وإن اريد به اثبات مفاده في حال امتثاله خاصّة فهو مستحيل ايضا لامتناع اختصاص حكم بفرض امتثاله كما هو واضح.
ومثال الثالث : ان يكون الحكم في كلّ من الدليلين مقيّدا بعدم حكم فعلي على الخلاف (١) ، ففي مثل ذلك يكون كلّ منهما صالحا لرفع
__________________
هذه الصدقة تصير واجبة عليك ويلزم عليك فعلها حينئذ» (*)
(١) ذكره في التقريرات ج ٧ ص ٥٥ القسم الثالث ، مثاله ما لو ورد دليلان :
(احدهما) يقول : «لو لم يكن وجوب النذر فعليا لكان الحج واجبا» ، لكنه فعلي ، فالحج غير واجب ، و (الآخر) يقول : «لو لم يكن وجوب
__________________
(*) [اقول] هذا المثال انما هو لتقريب المطلب لا اكثر ، وإلّا فلعلّ الصحيح فقهيا ان يفصّل بين ان يكون النذر قبل حصول الاستطاعة او بعدها ، فان كان بعدها فلا يصحّ النذر لانه يكون تحليلا لترك واجب فعلي ، وإن كل قبلها فانّ علينا ان ننظر في الروايات في مراد الشارع المقدّس من الاستطاعة ، وهل انّها تشمل الاستطاعة الشرعية أيضا ام يراد بها الاستطاعة العقلية فقط ، والمسألة موضع خلاف بين الاعلام ليس هاهنا محلّ ذكرها ، وإن كان يظهر لنا حتّى الآن ان المراد من الاستطاعة هي العقلية والشرعية ، ويتفرّع على ذلك ان من نذر قبل حصول الاستطاعة ان يزور الامام الحسين عليهالسلام يوم عرفة فانه حينئذ لا يجب عليه الحج ، لانه بهذا النذر يكون قد منع نفسه من تحصيل الاستطاعة ، على تأمّل ، خاصّة اذا كان النذر الى آخر عمره.