فيكون حجّة عليه ويسند مؤدّاه الى الشارع (١) ، ومعنى الثاني ان الانسان لا بدّ له ان يطبّق عمله على مؤدى احد الخبرين ، ومن نتائج الفرق ان الفقيه على الاوّل يفتي بمضمون ما التزم به واختاره (٢) ، وعلى الثاني يفتي بالتخيير ابتداء ، وهذا الخلاف لا موضوع له بعد انكار اصل التخيير.
الثانية : ان هؤلاء (٣) اختلفوا أيضا في ان التخيير ابتدائي او استمراري ، بمعنى ان المكلّف بعد اختيار احد الخبرين التزاما أو عملا هل يجوز له ان يعدل الى اختيار الآخر أو لا؟ وقد ذهب البعض الى كونه استمراريا (٤) وتمسّك بالاستصحاب ، الّا ان هذا الاستصحاب يبدو انه من استصحاب الحكم المعلّق (٥) اذا كان التخيير في الحجّية ، لانّ مرجعه الى انّ هذا كان حجّة لو اخذنا به سابقا وهو الآن كما كان استصحابا ، وعلى ايّ حال فلا موضوع لهذا الخلاف بعد انكار التخيير.
الثالثة : إذا تمّت روايات التخيير وروايات الترجيح المتقدمة
__________________
(١) لانّ المولى تعالى اعتبر احدهما حجّة ، ويصحّ اسناد مفاد الخبر الحجّة الى المولى بمعنى انه يصحّ له ان يقول هذا حكم شرعي.
(٢) اي يفتي باحد مفادي الخبرين ، ولا يفتي بالتخيير ، خلافا للمسلك الثاني فانّ عليه ان يفتي بالتخيير بين المفادين.
(٣) الذين اختلفوا في كون التخيير في الحجية او عملا.
(٤) بمعنى ان له ان يعدل الى الخيار الآخر.
(٥) وجه كون الاستصحاب تعليقيا ان مفاد الاستصحاب هو : انّ هذا كان حجّة لو كنّا قد التزمنا او عملنا به فتستصحب هذه الحجيّة المعلّقة.
ووجه عدم كونه تعليقيا أن يقال : إنّ هذا كان حجّة قبل الالتزام بالآخر فيستصحب بقاؤه على الحجيّة.