الثانية : ([وَإِذْ بَوَّأْنا لِإِبْراهِيمَ مَكانَ الْبَيْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) (١).
(وَإِذْ بَوَّأْنا لِإِبْراهِيمَ مَكانَ الْبَيْتِ) أي واذكر إذ جعلنا مكان البيت مباءة أي مرجعا يرجع إليه إبراهيم عند إرادة بنائه (٢) [والعبادة فيه بأن عيّنّا له ذلك وأمرناه به وقيل : أي عرّفناه ، ولما في ذلك من معنى التسهيل قيل أي وطّأنا وقيل هيّأنا ، وقيل : جعلناه مبوّأ أي منزلا] (٣).
وقيل إنّ اللّام مزيدة فان بوّأ يتعدّى بنفسه تقول بوأته منزلا أي عرّفته منزلا ومكان ظرف أي إذ أنزلناه فيه ، قيل إنّ البيت رفع إلى السماء أيّام الطوفان فانطمس وكان من ياقوتة حمراء فأعلم الله تعالى إبراهيم مكانه بريح أرسلها يقال له الحجوج كنست ما حوله حتّى أظهرت أسّه القديم فبناه على أسّه القديم ، وقيل كانت سحابة تطوف حيال الكعبة فبنى على ظلّها ، وقيل خلق الله فيها رأسا يتكلّم فقامت بحيال البيت وقالت : يا إبراهيم ابن على قدري.
(أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً) أن مفسّرة لفعل دلّ عليه «بوّأنا مكان البيت» لأنّ التبوّء به من أجل العبادة ، فكأنّه قيل وأمرناه أو تعبّدناه : وقلنا له لا تشرك بي شيئا في العبادة فيه.
(وَطَهِّرْ بَيْتِيَ) من عبادة الأوثان والشرك ، أو من الأقذار الّتي كانت ترمى حول البيت.
[وعن الصادق عليهالسلام نحّ عنه المشركين (٤) وقيل المراد بناؤه على الطهارة بأن
__________________
(١) الحج : ٢٦ ـ ٣٤.
(٢) في سن : أراد العمارة.
(٣) ما بين العلامتين لا يوجد في نسخة چا ولا في قض إلا في الهامش كما مر مثل ذلك كثيرا وسيأتي.
(٤) رواه على بن إبراهيم في تفسيره ص ٣٢ وحكاه عنه في البرهان ج ١ ص ١٥٢ بالرقم ١ ونور الثقلين ج ١ ص ١٠٤ بالرقم ٣٥٥.